" صفحة رقم ١٤٤ "
٣٢ ) ) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ).
مقابل قوله في أضدادهم ) الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم (، فما قيل في مقابله يقال فيه.
وقرأ الجمهور ) تتوفاهم ( بفوقيّتين، مثل نظيره. وقرأه حمزة وخلَف بتحتية أولى كذلك.
والطيّب : بزنة فَيْعل، مثل قَيم وميّت، وهو مبالغة في الاتّصاف بالطيب وهو حسن الرائحة. ويطلق على محاسن الأخلاق وكمال النّفس على وجه المجاز المشهور فتوصف به المحسوسات كقوله تعالى :( حلالاً طيباً ( سورة البقرة : ١٦٨ ) والمعاني والنفسيات كقوله تعالى : سلام عليكم طبتم ( سورة الزمر : ٧٣ ). وقولهم : طبت نفساً. ومنه قوله تعالى : والبلد الطيّب يخرج نباته بإذن ربه ( سورة الأعراف : ٥٨ ). وفي الحديث إنّ الله طيّب لا يقبل إلاّ طيّباً أي مَالاً طيباً حلالاً. فقوله تعالى هنا طيبين ( يجمع كل هذه المعاني، أي تتوفّاهم الملائكة منزّهين من الشرك مطمئنيّ النفوس. وهذا مقابل قوله في أضدادهم ) الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ( ( سورة النحل : ٢٨ ).
وجملة ) يقولون سلام عليكم ( حال من ) الملائكة ( وهي حال مقارنة ل ) تتوفاهم (، أي يتوفّونهم مسلّمين عليهم، وهو سلام تأنيس وإكرام حين مجيئهم ليتوفّوهم، لأن فعل ) تتوفاهم ( يبتدىء من وقت حلول الملائكة إلى أن تنتزع الأرواح وهي حصّة قصيرة.
وقولهم :( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ( هو مقابل قولهم لأضدادهم ) إن الله عليم بما كنتم تعملون فادخلوا أبواب جهنم ( سورة النحل : ٢٨، ٢٩ ). والقول في الأمر بالدخول للجنّة حين التوفّي كالقول في ضدّه المتقدم آنفاً. وهو هنا نعيم المكاشفة.