" صفحة رقم ١٦٤ "
وفسر ما نزل إليهم ( بأنه عين الذكر المنزّل، أي أنزلنا إليك الذكر لتبينّه للناس، فيكون إظهاراً في مقام الإضمار لإفادة أن إنزال الذكر إلى النبي ( ﷺ ) هو إنزاله إلى الناس كقوله تعالى :( لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم ( سورة الأنبياء : ١٠ ).
وإنّما أتي بلفظه مرتين للإيماء إلى التّفاوت بين الإنزالين : فإنزاله إلى النبي مباشرةً، وإنزاله إلى إبلاغه إليهم.
فالمراد بالتبيين على هذا تبيين ما في القرآن من المعاني، وتكون اللّام لتعليل بعض الحِكم الحافّة بإنزال القرآن فإنها كثيرة، فمنها أن يبيّنه النبي فتحصل فوائد العلم والبيان، كقوله تعالى : وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيّننّه للناس ( سورة آل عمران : ١٨٧ ).
وليس في هذه الآية دليل لمسائل تخصيص القرآن بالسنّة، وبيان مجمل القرآن بالسنّة، وترجيح دليل السنّة المتواترة على دليل الكتاب عند التعارض المفروضات في أصول الفقه إذ كل من الكتاب والسنّة هو من تبيين النبي إذ هو واسطته.
عطف لعلهم يتفكرون ( حكمة أخرى من حِكَم إنزال القرآن، وهي تهيئة تفكّر الناس فيه وتأمّلهم فيما يقرّبهم إلى رضى الله تعالى. فعلى الوجه الأول في تفسير ) لتبين للناس ( يكون المراد أن يتفكّروا بأنفسهم في معاني القرآن وفهم فوائده، وعلى الوجه الثاني أن يتفكّروا في بيانك ويعوه بأفهامهم.
٤٥ ) ) أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الاَْرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ ).
بعد أن ذُكرت مساويهم ومكائدهم وبعد تهديدهم بعذاب يوم البعث تصريحاً وبعذاب الدنيا تعريضاً، فُرع على ذلك تهديدهم الصريح بعذاب الدنيا بطريق استفهام التعجيب من استرسالهم في المعاندة غير مقدّرين أن


الصفحة التالية
Icon