" صفحة رقم ١٧٤ "
وحصر صفة الوحدانية في عَلَم الجلالة بالنّظر إلى أن مسمّى ذلك العلم مساوٍ لمسمّى إله، إذ الإله منحصر في مسمّى ذلك العلَم.
وتفريع ) فإياي فارهبون ( يجوز أن يكون تفريعاً على جملة ) لا تتخذوا إلاهين اثنين ( فيكون ) فإياي فارهبون ( من مقول القول، ويكون في ضمير المتكلم من قوله :( فارهبون ( التفات من الغيبة إلى الخطاب.
ويجوز أن يكون تفريعاً على فعل ) وقال الله ( فلا يكون من مقول القول، أي قال الله لا تتخذوا إلهين فلا ترهبوا غيري. وليس في الكلام التفات على هذا الوجه.
وتفرّع على ذلك قوله تعالى :( فإياي فارهبون ( بصيغة القصر، أي قصر قلب إضافياً، أي قصر الرهبة التامة منه عليه فلا اعتداد بقدرة غيره على ضرّ أحد. وهو ردّ على الذين يرهبون إله الشرّ فالمقصود هو المرهوب.
والاقتصار على الأمر بالرّهبة وقصرها على كونها من الله يفهم منه الأمر بقصر الرغبة عليه لدلالة قصر الرهبة على اعتقاد قصر القدرة التامة عليه تعالى فيفيد الردّ على الذين يطمعون في إله الخير بطريق الأولى، وإنما اقتصر على الرّهبة لأن شأن المزدكية أن تكون عبادتهم عن خوف إله الشرّ لأن إله الخير هم في أمن منه فإنه مطبوع على الخير.
ووقع في ضمير ) فإياي ( التفات من الغيبة إلى التكلم لمناسبة انتقال الكلام من تقرير دليل وحدانية الله على وجه كلّي إلى تعيين هذا الواحد أنه الله منزل القرآن تحقيقاً لتقرير العقيدة الأصلية. وفي هذا الالتفات اهتمام بالرّهبة لما في الالتفات من هزّ فهم المخاطبين. وتقدّم تركيب نظيره بدون التفات في سورة البقرة.
واقتران فعل ) فارهبون ( بالفاء ليكون تفريعاً على تفريع فيفيد مفاد التأكيد لأن تعلّق فعل ( ارهبون ) بالمفعول لفظاً يجعل الضمير