" صفحة رقم ١٩٢ "
) ويجعلون لله البنات (، ويكون تخصيصها بالذكر من جهتين : جهة اختلاف الاعتبار، وجهة زيادة أنواع هذا الجعل.
وجملة ) وتصف ألسنتهم الكذب ( عطف قصة على قصة أخرى من أحوال كفرهم.
ومعنى ) تصف ( تذكر بشرح وبيان وتفصيل، حتى كأنها تذكر أوصاف الشيء. وحقيقة الوصف : ذكر الصفات والحُلَى. ثم أطلق على القول المبيّن المفصل. قال في ( الكشاف ) في الآية الآتية في أواخر هذه السورة :( هذا من فصيح الكلام وبليغه. جعل القول كأنه عين الكذب فإذا نطقت به ألسنتهم فقد صورت الكذب بصورته، كقولهم : وجهها يصف الجمال، وعينها تصف السحر ) ا هـ.
وقد تقدم في قوله تعالى :( سبحانه وتعالى عما يصفون في سورة الأنعام ( ١٠٠ ). وسيأتي في آخر هذه السورة ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام ( سورة النحل : ١١٦ ). ومنه قول المعرّي :
سرى برق المعرّة بعد وهن
فباتَ برامةٍ يصف الكَلاَلا
أي يشكو الإعياء من قطع مسافة طويلة في زمن قليل، وهو من بديع استعاراته.
والمراد من هذا الكذب كل ما يقولونه من أقوال خاصتهم ودهمائهم باعتقاد أو تهكّم. فمن الأول قول العاصي بن وائل المحكي في قوله تعالى : وقال لأوتينّ مالاً وولداً ( سورة مريم : ٧٧ ) وفي قوله تعالى : ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى ( سورة فصلت : ٥٠ ). ومن الثاني قولهم في البليّة : أن صاحبها يركبها يوم القيامة لكيلا يُعيى.
وانتصب الكذب ( على أنه مفعول ) تصف.
وأن لهم الحسنى ( بدل من ) الكذب ( أو ) الحسنى ( صفة لمحذوف، أي الحالة الحسنى.