" صفحة رقم ٩٩ "
ووجه تشبيه الوحي بالروح أن الوحي إذا وعته العقول حلّت بها الحياة المعنوية وهو العلم، كما أن الروح إذا حلّ في الجسم حلّت به الحياة الحسيّة، قال تعالى : وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ( سورة الشورى : ٥٢ ).
ومعنى من أمره ( الجنس، أي من أموره، وهي شؤونه ومقدراته التي استأثر بها. وذلك وجه إضافته إلى الله كما هنا وكما في قوله تعالى :( وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا (، وقوله تعالى :( يحفظونه من أمر الله ( سورة الرعد : ١١ )، وقوله تعالى : قل الروح من أمر ربي ( سورة الإسراء : ٨٥ ) لما تفيده الإضافة من التخصيص.
وقرأ الجمهور ينزل ( بياء تحتية مضمومة وفتح النون وتشديد الزاي مكسورة. وقرأه ابن كثير وأبو عمرو ورويس عن يعقوب بسكون النون وتخفيف الزاي مكسورة، و ) الملائكة ( منصوباً.
وقرأه روح عن يعقوب بتاء فوقية مفتوحة وفتح النون وتشديد الزاي مفتوحة ورفع ) الملائكة ( على أن أصله تتنزل.
وقوله تعالى :( على من يشاء من عباده ( رد على فنون من تكذيبهم ؛ فقد قالوا :( لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ( سورة الزخرف : ٣١ ) وقالوا : فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب ( سورة الزخرف : ٥٣ ) أي كان ملكاً، وقالوا : ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ( سورة الفرقان : ٧ ). ومشيئة الله جارية على وفق حكمته، قال تعالى : الله أعلم حيث يجعل رسالته ( سورة الأنعام : ١٢٤ ).
وأن أنذروا ( تفسير لفعل ) ينزل ( لأنه في تقدير ينزل الملائكة بالوحي.
وقوله :( بالروح من أمره على من يشاء من عباده ( اعتراض واستطراد بين فعل ) ينزل ( ومفسره.


الصفحة التالية
Icon