" صفحة رقم ٢٤٤ "
الحكيم مع ما فيه من الإغاظة لليهود، لأنهم أعداء جبريل كما أشار إليه قوله تعالى : قل من كان عدواً لجبريل الآية ( البقرة : ٩٧ ). ووضحه حديث عبد الله بن سلام في قوله للنبيء حين ذكر جبريل عليه السلام ذاك عَدُوّ اليهود من الملائكة فلم يترك النبي لهم مَنفذاً قد يُلقون منه التشكيك على قريش إلا سدّهُ عليهم.
وقد يعترضك هنا : أن الآية التي نزلت في أمر الروح هي من سورة الإسراء فلم تكن مقارنة للآية النازلة في شأن الفِتية وشأننِ الرجُل الطوّاف فماذا فرق بين الآيتين، وأن سورة الإسراء يروى أنها نزلت قبل سورة الكهف فإنها معدودة سادسة وخمسين في عداد نزول السور، وسورة الكهف معدودة ثامنة وستين في النزول. وقد يجاب عن هذا بأن آية الروح قد تكون نزلت على أن تُلحق بسورة الإسراء فإنها نزلت في أسلوب سورة الإسراء وعلى مِثل فواصلها، ولأن الجواب فيها جواب بتفويض العلم إلى الله، وهو مقام يقتضي الإيجاز، بخلاف الجواب عن أهل الكهف وعن ذي القرنين فإنه يستدعي بسطاً وإطناباً ففرقت آية الروح عن القصتين.
على أنه يجوز أن يكون نزول سورة الإسراء مستمراً إلى وقت نزول سورة الكهف، فأنزل قرآن موزع عليها وعلى سورة الكهف. وهذا على أحد تأويلين في معنى كون الروح من أمر ربي كما تقدم في سورة الإسراء. والذي عليه جمهور الرواة أن آية ويسألونك عن الروح ( الإسراء : ٨٥ ) مكية إلا ما روي عن ابن مسعود. وقد علمت تأويله في سورة الإسراء.
فاتضح من هذا أن أهم غرض نزلت فيه سورة الكهف هو بيان قصة أصحاب الكهف، وقصة ذي القرنين. وقد ذكرت أولاهما في أول السورة وذكرت الأخرى في آخرها.
كرامة قرآنية :
لوضع هذه السورة على هذا الترتيب في المصحف مناسبة حسنة ألهم الله