" صفحة رقم ٢٥٠ "
عطف على قوله :( لينذر بأساً (، فهو سبب آخر لإنزال الكتاب أثارته مناسبة ذكر الإنذار ليبقى الإنذار موجهاً إلى غيرهم.
وقوله :( أن لهم أجراً حسناً ( متعلق ب ) يبشر ( بحذف حرف الجر مع ( أن )، أي بأن لهم أجراً حسناً. وذكر الإيمان والعمل الصالح للإشارة إلى أن استحقاق ذلك الأجر بحصول ذلك لأمرين. ولا يتعرض القرآن في الغالب لحالة حصول الإيمان مع شيء من الأعمال الصالحة كثيرٍ أو قليللٍ، ولحُكْمِهِ أدلة كثيرة.
والمكث : الاستقرار في المكان، شُبه ما لهم من اللذات والملائمات بالظرف الذي يستقر فيه حالُّهُ للدلالة على أن الأجر الحسن كالمحيط بهم لا يفارقهم طرفة عين، فليس قوله :( أبداً ( بتأكيدٍ لمعنى ) ماكثين ( بل أفيد بمجموعها الإحاطة والدوام.
٤، ٥ ) ) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لائَبَآئِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا ).
تعليل آخر لإنزال الكتاب على عبده، جعل تالياً لقوله : لينذر بأساً شديداً من لدنه ( الكهف : ٢ ) باعتبار أن المراد هنا إنذار مخصوص مقابل لما بَشر به المؤمنين. وهذا إنذار بجزاء خالدين فيه وهو عذاب الآخرة، فإن جَرَيْتَ على تخصيص البأس في قوله : بأساً شديداً ( الكهف : ٢ ) بعذاب الدنيا كما تقدم كان هذا الإنذار مغايراً لما قبله ؛ وإن جريت على شمول البأس للعذابين كانت إعادة فعل ينذر وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا مَّا ( تأكيدا، فكان عطفه باعتبار أن لمفعوله صفة زائدة على معنى مفعول فِعل