" صفحة رقم ٢٥٦ "
٧، ٨ ) ) إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الاَْرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً (
مناسبة موقع هذه الآية هنا خفية جداً أعوز المفسرين بيانُها، فمنهم ساكت عنها، ومنهم محاول بيانها بما لا يزيد على السكوت.
والذي يبدو : أنها تسلية للنبيء ( ﷺ ) على إعراض المشركين بأن الله أمهلهم وأعطاهم زينة الدنيا لعلهم يشكرونه، وأنهم بطروا النعمة، فإن الله يسلب عنهم النعمة فتصير بلادهم قاحلة. وهذا تعريض بأنه سيحل بهم قحط السنين السبع التي سأل رسولُ الله ربه أن يجعلها على المشركين كسنين يوسف عليه السلام.
ولهذا اتصال بقوله :( لينذر بأساً شديداً من لدنه ( الكهف : ٢ ).
وموقع ( إن ) في صدر هذه الجملة موقع التعليل للتسلية التي تضمنها قوله تعالى : فلعلك باخع نفسك على آثارهم ( الكهف : ٦ ).
ويحصل من ذلك تذكير بعضهم قدرة الله تعالى، وخاصة ما كان منها إيجاداً للأشياء وأضدادها من حياة الأرض وموتها المماثل لحياة الناس وموتهم، والمماثل للحياة المعنوية والموت المعنوي من إيمان وكفر، ونعمة ونقمة، كلها عِبَر لمن يعتبر بالتغير ويأخذ الأهبة إلى الانتقال من حال إلى حال فلا يثق بقوته وبطشه، ليقيس الأشياء بأشباهها ويعرض نفسه على معيار الفضائل وحسنى العواقب.
وأوثر الاستدلال بحال الأرض التي عليها الناس لأنها أقرب إلى حسهم وتعقلهم، كما قال تعالى : أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت ( الغاشية : ١٧ ٢٠ )، وقال : وفي الأرض آيات للموقنين ( الذاريات : ٢٠ ).