" صفحة رقم ٢٧٠ "
الثاني. ومع كون صوغ اسم التفضيل من غير الثلاثي ليس قياساً فهو كثير في الكلام الفصيح وفي القرآن.
فالوجه، أن ) أحصى ( اسم تفضيل، والتفضيل منصرف إلى ما في معنى الإحصاء من الضبط والإصابة. والمعنى : لنعلم أي الحزبين أتقن إحصاءً، أي عدا بأن يكون هو الموافق للواقع ونفس الأمر ويكون ما عداه تقريباً ورجماً بالغيب. وذلك هو ما فصله قوله تعالى :( سيقولون ثلاثة ( الكهف : ٢٢ ) الآية.
ف ( أي ) اسم استفهام مبتدأ وهو معلق لفعل لنعلم ( عن العمل، ) وأحصى ( خبر عن ( أي ) و ) أمداً ( تمييز لاسم التفصيل تمييزَ نسبة، أي نسبة التفضيل إلى موصوفه كما في قوله :( أنا أكثر منك مالاً ( الكهف : ٣٤ ). ولا يريبك أنه لا يتضح أن يكون هذا التمييز محولاً عن الفاعل لأنه لا يستقيم أن تقول : أفضل أمده، إذ التحويل أمر تقديري يقصد منه التقريب.
والمعنى : ليظهرَ اضطراب الناس في ضبط تواريخ الحوادث واختلال خرصهم وتخمينهم إذا تصدوا لها، ويعلم تفريط كثير من الناس في تحديد الحوادث وتاريخها، وكلا الحالين يمت إلى الآخر بصلة.
، ١٤ ) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ءَامَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلاهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (
لما اقتضى قوله :( لنعلم أي الحزبين أحصى ( الكهف : ١٢ ) أن في نبأ أهل الكهف تخرصات ورجماً بالغيب أثار ذلك في النفس تطلعا إلى معرفة الصدق في أمرهم،


الصفحة التالية
Icon