" صفحة رقم ٢٨٩ "
والتنازع : الجدال القوي، أي يتنازع أهل المدينة بينهم شأن أهل الكهف، مثل : أكانوا نياماً أم أمواتاً، وأيبقون أحياء أم يموتون، وأيبقون في ذلك الكهف أم يرجعون إلى سكنى المدينة، وفي مدة مكثهم.
ويجوز أن يكون ضمير ) أمرهم ( عائداً إلى ما عاد عليه ضمير ) يتنازعون (، أي شأنهم فيما يفعلونه بهم.
والإتيان بالمضارع لاستحضار حالة التنازع.
طوي هنا وصف العثور عليهم، وذكر عودهم إلى الكهف لعدم تعلق الغرض بذكره، إذ ليس موضع عبرة لأن المصير إلى مرقدهم وطرو الموت عليهم شأن معتاد لكل حي.
وتفريع ) فقالوا ( على ) يتنازعون ).
وإنما ارتأوا أن يبنوا عليهم بنياناً لأنهم خشوا عليهم من تردد الزائرين غير المتأدبين، فلعلهم أن يؤذوا أجسادهم وثيابهم باللمس والتقليب، فأرادوا أن يبنوا عليهم بناءً يمكن غلق بابه وحراسته.
وجملة ) ربهم أعلم بهم ( يجوز أن تكون من حكاية كلام الذين قالوا، ابنوا عليهم بنياناً. والمعنى : ربهم أعلم بشؤونهم التي تنزعنا فيها، فهذا تنهية للتنازع في أمرهم. ويجوز أن تكون معترضة من كلام الله تعالى في أثناء حكاية تنازع الذين أعثروا عليهم، أي رب أهل الكهف أو رب المتنازعين في أمرهم أعلم منهم بواقع ما تنازعوا فيه.


الصفحة التالية
Icon