" صفحة رقم ٣٢١ "
والأبَد : مراد منه طول المدة، أي هي باقية بقاء أمثالها لا يعتريها ما يبيدها. وهذا اغترار منه بغناه واغترار بما لتلك الجنة من وثوق الشجر وقوته وثبوته واجتماع أسباب نمائه ودوامه حولَه، من مياه وظلال.
وانتقل من الإخبار عن اعتقاده دوامَ تلك الجنة إلى الإخبار عن اعتقاده بنفي قيام الساعة.
ولا تلازم بين المعتقَدَيْن. ولكنه أراد التورك على صاحبه المؤمن تخطئة إياه، ولذلك عقب ذلك بقوله :( ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً ( تهكماً بصاحبه. وقرينة التهكم قوله :( وما أظن الساعة قائمة ). وهذا كقول العاصي بن وائل السهمي لخباب بن الأرت ( ليكونن لي مال هنالك فأقضيكَ دينك منه ).
وأكد كلامه بلام القسم ونون التوكيد مبالغة في التهكم.
وانتصب ) منقلباً ( على تمييز نسبة الخبر. والمنقلب : المكان الذي يُنقلب إليه، أي يُرجع.
وضمير ) منهما ( للجنتين عوداً إلى أول الكلام تفننا في حكاية كلامه على قراءة الجمهور ) منهما بالتثنية، وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف منها ( بالإفراد جرياً على قوله :( ودخل جنته ( وقولهِ :( أن تبيد هذه ).
٣٧ ٤١ ) ) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِى خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً لَّكِنَّ هُوَ اللَّهُ رَبِّى وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّى أَحَدًا وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَدًا فعسَى رَبِّى أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَآءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا ).
) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِى خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً لَّكِنَّ هُوَ اللَّهُ رَبِّى وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّى أَحَدًا وَلَوْلا ).
حُكي كلام صاحبه بفعل القول بدون عطف للدلالة على أنه واقع موقع المحاورة والمجاوبة، كما قدمناه غير مرة.