" صفحة رقم ٣٢٣ "
الثابت فلم تمنع من الإدغام الذي يمنع منه ما هو محذوف لعلة بناءً على أن المحذوف لعلةٍ بمنزلة الثابت، ونقلت حركتها إلى نون ( لكنْ ) الساكنة دليلاً على المحذوف فالتقى نونان متحركتان فلزم إدغامهما فصار ( لكنا ). ولا يجوز أن تكون ( لكِنّ ) المشددة النون المفتوحتها أشبعت فتحتها، لأن لكن المشددة من أخوات إنّ تقتضي أن يكون الاسم بعدها منصوباً وليس هنا ما هو ضمير نصب، ولا يجوز اعتبار ضمير ( أنا ) ضمير نصب اسم ( لكنّ ) لأن ضمير المتكلم المنصوب يجب أن يكون بياء المتكلم، ولا اعتبارهُ ضميرَ المتكلم المشارك لمنافاته لإفراد ضمائره بعده في قوله :( هو الله ربي ولا أشرك بربي أحداً ).
( فأنا ) مبتدأ، وجملة ) هو الله ربي ( ضمير شأن وخبرُه، وهي خبر ( أنا )، أي شأني هو الله ربي. والخبر في قوله :( هو الله ربي ( مستعمل في الإقرار، أي أعترف بأنه ربي خلافاً لك.
وموقع الاستدراك مضادةُ ما بعد ( لكن ) لما قبلها، ولا سيما إذا كان الرجلان أخوين أو خليلين كما قيل فإنه قد يتوهم أن اعتقادهما سواء.
وأكد إثبات اعترافه بالخالق الواحد بمؤكدات أربعة، وهي : الجملتان الاسميتان، وضمير الشأن في قوله :( لكنا هو الله ربي (، وتعريف المسند والمسند إليه في قوله :( الله ربي ( المفيد قصر صفة ربوبية الله على نفس المتكلم قصراً إضافياً بالنسبة لمخاطبه، أي دونك إذ تعبد آلهة غير الله، وما القصر إلا توكيد مضاعف، ثم بالتوكيد اللفظي للجملة بقوله :( ولا أشرك بربي أحداً ).
وعطف جملة ) ولولا إذ دخلت ( على جملة ) أكفرت ( عطف إنكار على إنكار. و ( لولا ) للتوبيخ، كشأنها إذا دخلت على الفعل الماضي، نحو ) لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء ( النور : ١٣ )، أي كان الشأن أن تقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله ( عوض قولك :( ما أظن أن تبيد هذه أبداً وما أظن الساعة قائمة ( الكهف : ٣٦ ). والمعنى : أكفرت بالله وكفرت نعمته.