" صفحة رقم ٣٣٠ "
والتمييز تمييز نسبة الخير إلى الله. و ( العقب ) بضمتين وبسكون القاف بمعنى العاقبة، أي آخرة الأمر. وهي ما يرجوه المرء من سعيه وعمله.
وقرأ الجمهور ) عُقُباً ( بضمتين وبالتنوين. وقرأه عاصم وحمزة وخلف بإسكان القاف وبالتنوين.
فكان ما ناله ذلك المشرك الجبار من عطاء إنما ناله بمساع وأسباب ظاهرية ولم ينله بعناية من الله تعالى وكرامة فلم يكن خيراً وكانت عاقبته شراً عليه.
٤٥ ) ) وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الاَْرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ مُّقْتَدِرًا ).
كان أعظم حائل بين المشركين وبين النظر في أدلة الإسلام انهماكهم في الإقبال على الحياة الزائلة ونعيمها، والغرور الذي غر طغاة أهل الشرك وصرفهم عن إعمال عقولهم في فهم أدلة التوحيد والبعث كما قال تعالى :( وذرني والمكذبين أولى النعمة ومهلهم قليلا ( المزمل : ١١ )، وقال : أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ( القلم : ١٤ ١٥ ).
وكانوا يحسبون هذا العالم غير آيل إلى الفناء وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر ( ( الجاثية : ٢٤ ). وما كان أحد الرجلين اللذين تقدمت قصتهما إلا واحداً من المشركين إذ قال :( وما أظن الساعة قائمة ( الكهف : ٣٦ ).
فأمر الله رسوله بأن يضرب لهم مثل الحياة الدنيا التي غرتهم بهجتها.
والحياة الدنيا : تطلق على مدة بقاء الأنواع الحية على الأرض وبقاء الأرض على حالتها. فإطلاق اسم الحياة الدنيا ( على تلك المدة لأنها مدة الحياة الناقصة غير الأبدية لأنها مقدر زوالها، فهي دُنيا.


الصفحة التالية
Icon