" صفحة رقم ٣٥٠ "
فالمعنى : ما منع هؤلاء المشركين من الإيمان بالقرآن شيء يَمنع مثلُه، ولكنهم كالأمم الذين قبلهم الذين جاءهم الهدى بأنواعه من كتب وآيات وإرشاد إلى الخير.
والمرد ب ) الأولين ( السابقون من الأمم في الضلال والعناد. ويجوز أن يراد بهم الآباء، أي سنة آبائهم، أي طريقتهم ودينهم، ولكل أمة أمةٌ سبقتها.
و ) أن تأتيهم ( استثناء مفرغ هو فاعل ) وما منع ). ( ولن يؤمنوا ) منصوب على نزع الخافض، أي من أن يؤمنوا.
ومعنى ) تأتيهم سنة الأولين ( تحل فيهم وتعتريهم، أي تُلقى في نفوسهم وتسول إليهم. والمعنى : أنهم يُشبهون خلق من كانوا قبلهم من أهل الضلال ويقلدونهم، كما قال تعالى :( أتواصوا به بل هم قوم طاغون ( الذاريات : ٥٣ ).
وسنة الأولين : طريقتهم في الكفر. وإضافة ( سنة ) إليهم تشبه إضافة المصدر إلى فاعله، أي السنة التي سَنّها الأولون. وإسناد مَنْعهم من الإيمان إلى إتيان سنة الأولين استعارة.
والمعنى : ما منع الناس أن يؤمنوا إلا الذي منع الأولين قبلهم من عادة العناد والطغيان وطريقتهم في تكذيب الرسل والاستخفاف بهم.
وذكر الاستغفار هنا بعد ذكر الإيمان تلقين إياهم بأن يبادروا بالإقلاع عن الكفر وأن يتوبوا إلى الله من تكذيب النبي ومكابرته.
و ( أو ) هي التي بمعنى ( إلى )، وانتصاب فعل يأتيهم العذاب ( ( بأن ) مضمرة بعد ( أو ). و ( أو ) متصلة المعنى بفعل ) منع (، أي منعهم تقليدُ سنة الأولين من الإيمان إلى أن يأتيهم العذاب كما أتى الأولين.
هذا ما بدا لي في تفسير هذه الآية وأراه أليق بموقع هاته الآية من التي قبلها.


الصفحة التالية
Icon