" صفحة رقم ٣٥٦ "
وجملة ) وإن تدعهم إلى الهدى ( عطف على جملة ) إنا جعلنا على قلوبهم (، وهي متفرعة عليها، ولكنها لم تعطف بالفاء لأن المقصود جعل ذلك في الإخبار المستقل.
وأكد نفي اهتدائهم بحرف توكيد النفي وهو ( لن )، وبلفظ ( أبدا ) المؤكد لمعنى ( لن )، وبحرف الجزاء المفيد تسبب الجواب على الشرط.
وإنما حصل معنى الجزاء باعتبار تفرع جملة الشرط على جملة الاستئناف البياني، أي ذلك مسبب على فطر قلوبهم على عدم قبول الحق.
٥٨ ) ) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِ مَوْئِلاً ).
جرى القرآن على عادته في تعقيب الترهيب بالترغيب والعكسسِ، فلما رماهم بقوارع التهديد والوعيد عطف على ذلك التعريضَ بالتذكير بالمغفرة لعلهم يتفكرون في مرضاته، ثم التذكير بأنه يشمل الخلق برحمته في حين الوعيد فيؤخر ما توعدهم به إلى حد معلوم إمهالاً للناس لعلهم يرجعون عن ضلالهم ويتدبرون فيما هم فيه من نعم الله تعالى فلعلهم يشكرون، موجهاً الخطاب إلى النبي ( ﷺ ) مفتتحاً باستحضار الجلالة بعنوان الربوبية للنبيء ( ﷺ ) إيماءً إلى أن مضمون الخبر تكريم له، كقوله :( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ( الأنفال : ٣٣ ).
والوجه في نظم الآية أن يكون الغفور ( نعتاً للمبتدأ ويكون ) ذو الرحمة ( هو الخبر لأنه المناسب للمقام ولما بعده من جملة ) لو يؤاخذهم (، فيكون ذكر ) الغفور ( إدماجاً في خلال المقصود. فخُص بالذكر من أسماء الله تعالى اسم ) الغفور ( تعريضاً بالترغيب في الاستغفار.