" صفحة رقم ١٠٠ "
الخصوص قوله ) مَا دُمْتُ حَيّاً ( لدلالته على استغراق مدة حياته بإيقاع الصلاة والصدقة، أي أن يصلي ويتصدّق في أوقات التمكن من ذلك، أي غير أوقات الدعوة أو الضرورات.
فالاستغراق المستفاد من قوله ) مَا دُمْتُ حَيّاً ( استغراقٌ عرفي مراد به الكثرة ؛ وليس المراد الصلاة والصدقة المفروضتين على أمته، لأن سياق الكلام في أوصاف تميّز بها عيسى عليه السلام، ولأنه لم يأت بشرع صلاة زائدة على ما شرع في التوراة.
والبَرّ بفتح الباء : اسم بمعنى البار. وتقدم آنفاً. وقد خصه الله تعالى بذلك بين قومه، لأن برّ الوالدين كان ضعيفاً في بني إسرائيل يومئذ، وبخاصة الوالدة لأنها تستضعف، لأن فرط حنانها ومشقتها قد يجرئان الولد على التساهل في البرّ بها.
والجبّار : المتكبر الغليظ على الناس في معاملتهم. وقد تقدم في سورة هود ( ٥٩ ) قوله :( واتبعوا أمر كل جبار عنيد.
والشقيّ :( الخاسر والذي تكون أحواله كدرة له ومؤلمة، وهو ضدّ السعيد. وتقدّم عند قوله تعالى :( فمنهم شقي وسعيد في آخر سورة هود ( ١٠٥ ).
ووصف الجبار بالشقي باعتبار مآله في الآخرة وربما في الدنيا.
وقوله والسَّلامُ عليَّ يَوْم وُلِدتُّ ( إلى آخره، تنويه بكرامته عند الله، أجراه على لسانه ليعلموا أنه بمحل العناية من ربّه، والقول فيه تقدّم في آية ذكر يحيى.
وجيء بالسَّلامُ هنا معرّفاً باللام الدالة على الجنس مبالغة في تعلّق السلام به حتى كان جنس السلام بأجمعه عليه. وهذا مؤذن


الصفحة التالية
Icon