" صفحة رقم ١٣٧ "
والباء في بالغيب للظرفية، أي وعدها إياهم في الأزمنة الغائبة عنهم. أي في الأزل إذ خلقها لهم. قال تعالى : أعدت للمتقين ( ( آل عمران : ١٣٣ ). وفيه تنبيه على أنها وإن كانت محجوبة عنهم في الدنيا فإنها مهيئة لهم.
وجملة ) إنه كان وعده مأتياً ( تعليل لجملة ) التي وعد الرحمن عباده بالغيب ( أي يدخلون الجنة وعداً من الله واقعاً. وهذا تحقيق للبشارة.
والوعد : هنا مصدر مستعمل في معنى المفعول. وهو من باب كَسا، فالله وعد المؤمنين الصالحين جنات عدن. فالجنات لهم موعودة من ربهم.
والمأتِي : الذي يأتيه غيره. وقد استعير الإتيان لحصول المطلوب المترقب، تشبيهاً لمن يحصل الشيء بعد أن سعى لتحصيله بمن مشى إلى مكان حتى أتاه. وتشبيهاً للشيء المحصل بالمكان المقصود. ففي قوله ) مأتِيّا تمثيلية اقتصر من أجزائها على إحدى الهيئتين، وهي تستلزم الهيئة الأخرى لأنّ المأتي لا بد له من آت.
وجملة لا يسْمعُونَ فيها لغْواً ( حال من ) عبَادَه ).
واللغو : فضول الكلام وما لا طائل تحته. وإنفاؤه كناية عن انتفاء أقل المكدرات في الجنة، كما قال تعالى :( لا تسمع فيها لاغية ( ( الغاشية : ١١ )، وكناية عن جعل مجازاة المؤمنين في الجنة بضد ما كانوا يلاقونه في الدنيا من أذى المشركين ولغوهم.
وقوله ) إلاَّ سَلاماً ( استثناء منقطع وهو مجاز من تأكيد الشيء بما يشبه ضدّه كقول النّابغة :


الصفحة التالية
Icon