" صفحة رقم ١٥٠ "
وهذا نظير قوله تعالى : إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين ( ( الحجر : ٤٢، ٤٣ )، أي الغاوين وغيرهم.
وحرف ( إنْ ) للنفي.
والورود : حقيقته الوصول إلى الماء للاستقاء. ويطلق على الوصول مطلقاً مجازاً شائعاً، وأما إطلاق الورود على الدخول فلا يُعرف إلا أن يكون مجازاً غير مشهور فلا بد له من قرينة.
وجملة ) ثمّ ننجي الذين اتّقوا ( زيادة في الارتقاء بالوعيد بأنّهم خالدون في العذاب، فليس ورودهم النّار بموقّت بأجل.
و ) ثمّ ( للترتيب الرتبي تنويهاً بإنجاء الذين اتّقوا وتشويهاً بحال الذين يبقون في جهنم جُثيّاً. فالمعنى : وعلاوة على ذلك ننجي الذين اتّقوا من ورود جهنم. وليس المعنى : ثمّ ينجي المتقين من بينهم بل المعنى أنهم نَجَوْا من الورود إلى النّار. وذكر إنجاء المتقين : أي المؤمنين، إدماج ببشارة المؤمنين في أثناء وعيد المشركين.
وجملة ) ونذر الظالمين فيها جثياً ( عطف على جملة ) وإن منكم إلاّ واردها ). والظالمون : المشركون.
والتعبير بالّذين ظلموا إظهار في مقام الإضمار. والأصل : ونذركم أيها الظالمون.
ونذر : نترك، وهو مضارع ليس له ماض من لفظه، أمات العرب ماضي ( نذر ) استغناء عنه بماضي ( ترك )، كما تقدّم عند قوله تعالى :( ثم ذرهم في خوضهم يلعبون في سورة الأنعام ( ٩١ ).
فليس الخطاب في قوله وإن منكم إلاّ واردها ( لجميع النّاس مؤمنهم وكافِرِهم على معنى ابتداء كلام ؛ بحيث يقتضي أن المؤمنين