" صفحة رقم ١٨٠ "
وهي مكية كلها على قول الجمهور. واقتصر عليه ابن عطية وكثير من المفسرين. وفي ( الإتقان ) أنه استُثني منها آية :( فاصبر على ما يقولون وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ( ( طه : ١٣٠ ). واستظهر في ( الإتقان ) أن يستثنى منها قوله تعالى :( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا ( ( طه : ١٣١ ). لما أخرج أبو يعلى والبزار عن أبي رافع قال :( أضاف النبي ( ﷺ ) ضيفاً فأرسلني إلى رجل من اليهود أن أسلفني دقيقاً إلى هلال رجب فقال : لا، إلاّ برهن، فأتيت النبي فأخبرته فقال : أما والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض. فلم أخرج من عنده حتى نزلت :( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا الآية اه.
وعندي أنه إن صح حديث أبي رافع فهو من اشتباه التّلاوة بالنزول، فلعل النبي قرأها متذكّراً فظنّها أبو رافع نازلة ساعتئذ ولم يكن سمعها قبلُ، أو أطلق النزول على التلاوة. ولهذا نظائر كثيرة في المرويات في أسباب النزول كما علمته غير مرة.
وهذه السورة هي الخامسة والأربعون في ترتيب النزول، نزلت بعد سورة مريم وقبل سورة الواقعة. ونزلت قبل إسلام عمر بن الخطاب لما روى الدارقطني عن أنس بن مالك، وابنُ إسحاق في سيرته ( عنه قال :( خرج عمر متقلداً بسيف. فقيل له : إن ختنَك وأختَك قد صَبَوا، فأتاهما عمر وعندهما خبّاب بن الأرتّ يقرئهما سورة ( طاها )، فقال : أعطوني الكتاب الذي عندكم فأقرأه ؟ فقالت له أخته : إنك رجس، ولا يمسه إلاّ المطهرون فقم فاغتسل أو توضأ. فقام عمر وتوضأ وأخذ الكتاب فقرأ طه. فلما قرأ صدراً منها قال : ما أحسن هذا الكلام وأكرمه ) إلى آخر القصة. وذكَر الفخر عن بعض المفسرين أنّ هذه السورة من أوائل ما نزل بمكّة.


الصفحة التالية
Icon