" صفحة رقم ٢٠٢ "
) كادُوا يكونون عليه لِبداً ( ( الجنّ : ١٩ ) يدلّ على أن كونهم لِبَداً غير واقع ولكنه اقترب من الوقوع.
ولما كانت الساعة مخفية الوقوع، أي مخفية الوقت، كان قوله ) أكاد أُخفيها ( غير واضح المقصود، فاختلفوا في تفسيره على وجوه كثيرة أمثلها ثلاثة.
فقيل : المراد إخفاء الحديث عنها، أي من شدّة إرادة إخفاء وقتها، أي يراد ترك ذكرها ولعلّ توجيه ذلك أنّ المكذبين بالساعة لم يزدهم تكرر ذكرها في القرآن إلا عناداً على إنكارها.
وقيل : وقعت ) أكَادُ ( زائدة هنا بمنزلة زيادة كان في بعض المواضع تأكيداً للإخفاء. والمقصود : أنا أخفيها فلا تأتي إلاّ بغتة.
وتأوّل أبو عليّ الفارسي معنى ) أُخْفِيها ( بمعنى أظهرها، وقال : همزة ) أخفيها للإزالة مثل همزة أعْجَم الكتابَ، وأشكى زيداً، أي أزيل خفاءَها. والخفاء : ثوب تلفّ فيه القِربة مستعار للستر.
فالمعنى : أكاد أظهرها، أي أظهر وقوعها، أي وقوعها قريب. وهذه الآية من غرائب استعمال ( كاد ) فيضم إلى استعمال نفيها في قوله : وما كادوا يفعلون في سورة البقرة ( ٧١ ).
وقوله لِتُجْزَى ( يتعلّق بآتِيَةٌ وما بينهما اعتراض. وهذا تعليم بحكمة جعل يوم للجزاء.
واللام في ) لِتُجْزى كلُّ نَفْسٍ ( متعلّق بآتِيَةٌ.
ومعنى ) بِمَا تَسْعَى ( بما تعمل، فإطلاق السعي على العمل مجاز مرسل، كما تقدم في قوله :( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها في سورة الإسراء ( ١٩ ).


الصفحة التالية
Icon