" صفحة رقم ٢١٤ "
الله تعالى عباده، وإدخال الأمة في حضرة الإيمان والتّقوى، وفي ذلك إكثار من ذكر الله بإبلاغ أمره ونهيه. ألا ترى إلى قوله تعالى بعد هذه الآيات ) اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تَنِيَا في ذِكري ( ( طه : ٤٢ )، أي لا تضعفا في تبليغ الرسالة، فلا جرم كان في تحصيل ما دعا به إكثار من تسبيحهما وذكرهما الله.
وأيضاً في التعاون على أداء الرسالة تقليل من الاشتغال بضرورات الحياة، إذ يمكن أن يقتسما العملَ الضروري لحياتهما فيقلّ زَمن اشتغالهما بالضروريات وتتوفّر الأوقات لأداء الرسالة. وتلك فائدة عظيمة لكليهما في التبليغ.
والذي ألجأ موسى إلى سؤال ذلك علمُه بشدّة فرعون وطغيانه ومنعه الأمة من مفارقة ضلالهم، فعلم أنّ في دعوته فتنة للداعي فسأل الإعانة على الخلاص من تلك الفتنة ليتوفّرا للتسبيح والذكر كثيراً.
وجملة ) إنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً ( تعليل لسؤاله شرح صدره وما بعده، أي لأنك تعلم حالي وحال أخي، وأنّي ما دعوتك بما دعوت إلا لأننا محتاجان لذلك، وفيه تفويض إلى الله تعالى بأنه أعلم بما فيه صلاحهم، وأنه ما سأل سؤاله إلاّ بحسب ما بلغ إليه علمه.
وقوله ) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يامُوسَى ( وعد له بالإجابة، وتصديق له فيما توسمه من المصالح فيما سأله لنفسه ولأخيه.
والسُؤْلُ بمعنى المسؤول. وهو وزن فُعْل بمعنى مفعول كالخُبز بمعنى المخبوز، والأكْل بمعنى المأكول. وهذا يدل على أن العقدة زالت عن لسانه، ولذلك لم يحك فيما بعد أنّه أقام هارون بمجادلة فرعون. ووقع في التّوراة في الإصحاح السابع من سفر الخروج :( فقال الرب لموسى أنت تتكلّم بكلّ ما أمرك به وهارون أخوك يكلّم فرعون ).


الصفحة التالية
Icon