" صفحة رقم ٦٣ "
التوجه غالباً، فلعل يقين زكرياء كاف في تقوية التوجه، فاختار لدعائه السلامة من مخالطة الرياء. ولا منافاة بين كونه نداء وكونه خفياً، لأنه نداء من يسمع الخفاء.
والمراد بالرحمة : استجابة دعائه، كما سيصرح به بقوله :( يا زكرياء إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى ( ( مريم : ٧ ). وإنما حكي في الآية وصف دعاء زكرياء كما وقع فليس فيها إشعار بالثناء على إخفاء الدعاء.
جملة ) قَالَ ربّ إنِّي وهَنَ العَظمُ مِني ( مبنية لجملة ) نادى ربه ( ( مريم : ٣ ). وهي وما بعدها تمهيد للمقصود من الدعاء وهو قوله :( فَهَب لِي مِن لَّدُنكَ ولِيّاً ). وإنّما كان ذلك تمهيداً لما يتضمنه من اضطراره لسؤال الولد. والله يجيب المضطر إذا دعاه، فليس سؤاله الولدَ سؤال توسع لمجرد تمتع أو فخر.
ووصَف من حاله ما تشتد معه الحاجة إلى الولد حالاً ومئالاً، فكان وهن العظم وعموم الشيب حالاً مقتضياً للاستعانة بالولد مع ما يقتضيه من اقتراب إبان الموت عادة، فذلك مقصود لنفسه ووسيلة


الصفحة التالية
Icon