" صفحة رقم ٧٥ "
العبادة في الأمم السالفة، كما سيأتي في قوله تعالى :( فقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً ( ( مريم : ٢٦ ). فأومأ إليهم أن يشرعوا فيما اعتادوه من التسبيح ؛ أو أراد أن يسبحوا الله تسبيح شكر على أن وهب نبيئهم ابناً يرث علمه، ولعلهم كانوا علموا ترقبه استجابه دعوته، أو أنه أمرهم بذلك أمراً مبهماً يفسره عندما تزول حبْسة لسانه.
١٤ ) ) يايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَواةً وَكَانَ تَقِيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً ).
مقول قول محذوف، بقرينة أن هذا الكلام خطاب ليحيى، فلا محالة أنه صادر من قائل، ولا يناسب إلاّ أن يكون قولاً من الله تعالى، وهو انتقال من البشارة به إلى نبوءته. والأظهر أنّ هذا من إخبار القرآن للأمة لا من حكاية ما قيل لزكرياء. فهذا ابتداء ذكر فضائل يحيى.
وطوي ما بين ذلك لعدم تعلق الغرض به. والسياق يدلّ عليه. والتقدير : قلنا يا يحيى خذ الكتاب.
والكتاب : التوراة لا محالة، إذ لم يكن ليحيى كتاب منزّل عليه.
والأخذ : مستعار للتفهم والتدبر، كما يقال : أخذت العلم عن فلان، لأنّ المعتني بالشيء يشبه الآخذ.
والقوة : المراد بها قوّة معنوية، وهي العزيمة والثّبات.
والباء للملابسة، أي أخذا ملابساً للثبات على الكتاب، أي على العمل به وحَمْل الأمّة على اتباعه، فقد أخذ الوهن يتطرق إلى الأمة اليهودية في العمل بدينها.


الصفحة التالية
Icon