" صفحة رقم ٨٠ "
ونُكر المكان إبهاماً له لعدم تعلُّق الغرض بتعيين نوعه إذ لا يفيد كمالاً في المقصود من القصة. وأما التصدّي لوصفه بأنه شرقي فللتنبيه على أصل اتخاذ النصارى الشرقَ قبلة لصلواتهم إذ كان حمل مريم بعيسى في مكان من جهة مشرق الشمس. كما قال ابن عباس :( إني لأعلم خلققِ الله لأي شيء اتّخذت النصارى الشرقَ قبلة لقوله تعالى :( مكاناً شرقِيّاً ( )، أي أن ذلك الاستقبال ليس بأمر من الله تعالى. فذكر كون المكان شرقياً نكتة بديعة من تاريخ الشرائع مع ما فيه من مؤاخاة الفواصل.
واتخاذ الحجاب : جعل شيء يَحجب عن الناس. قيل : إنها احتجبت لتغتسل وقيل لتمتشط.
والروح : الملك، لأن تعليق الإرسال به وإضافته إلى ضمير الجلالة دلاَّ على أنه من الملائكة وقد تمثل لها بشراً.
والتمثل : تكلف المماثلة، أي أن ذلك الشكل ليس شكل الملك بالأصالة.
و ) بَشَرَاً ( حال من ضمير ( تمثل )، وهو حال على معنى التشبيه البليغ.
والبشر : الإنسان. قال تعالى :( إني خالق بشراً من طين ( ( ص : ٧١ )، أي خالق آدم عليه السلام.
والسويُّ : المُسَوّى، أي التام الخلق. وإنما تمثل لها كذلك للتناسب بين كمال الحقيقة وكمال الصورة، وللإشارة إلى كمال عصمتها إذ قالت :( إنِّي أعوذُ بالرَّحمان مِنكَ إن كُنتَ تقِيَّاً (، إذ لم يكن في صورته ما يكره لأمثالها، لأنها حسبت أنه بشر اختبأ لها ليراودها


الصفحة التالية
Icon