" صفحة رقم ١٩٤ "
والضمير في ) أنه ( عائد إلى ) شيطان ( ( الحج : ٣ ) وليس ضمير شأن لأن جعله ضمير شأن لا يناسب كون الجملة في موقع نائب فاعل ) كُتب، ( إذ هي حينئذ في تأويل مصدر وضمير الشأن يتطلب بعده جملة، والمصدران المنسبكان من قوله ) أنه من تولاه ( وقوله ) فأنه يضله ( نائب فعل ) كتب ( ومفرع عليه بفاء الجَزاء، أي كتب عليه إضلال من تولاه. والتولي : اتّخاذ ولي، أي نصير، أي من استنصر به.
و ( مَن ) موصولة وليست شرطية لأن المعنى على الإخبار الثابِت لا على التعليق بالشرط. وهي مبتدأ ثان، والضمير المستتر في قوله ) تولاه ( عائد إلى ( مَن ) الموصولة. والضمير المنصوب البارز عائد إلى ) شيطان ( ( الحج : ٣ )، أي أن الذي يتخذ الشيطان ولياً فذلك الشيطان يضله.
والفاء في قوله ) فأنه يضله ( داخلة على الجملة الواقعة خبراً عن ( من ) الموصولة تشبيهاً لجملة الخبر عن الموصول بجملة الجزاء لشَبَه الموصول بالشرط قصداً لتقوية الإخبار. والمصدر المنسبك من قوله ) فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير ( في تقدير مبتدأ هو صدر للجملة الواقعة خبراً عن ( مَن ) الموصولة. والتقدير : فإضلاله إياه ودلالته إياه إلى عذاب السعير. وخبر هذا المبتدأ مقدر لأنه حاصل من معنى إسناد فعلَي الإضلال والهداية إلى ضمير المبتدأ. والتقدير : ثابتان.
ويجوز أن تجعل الفاء في قوله ) فأنه يضله ( فاء تفريع ويجعلَ ما بعدها معطوفاً على ) من تولاه ( ويكون المعطوف هو المقصود من الإخبار كما هو مقتضى التفريع. والتقدير : كتب عليه ترتب الإضلال منه لمتولّيه وترتب إيصاله متوليَه إلى عذاب السعير.
هذان هما الوجهان في نظم الآية وما عداهما تكلفات.
واعلم أن ما نظمت به الآية هنا لا يجري على نظم قوله تعالى في ( سورة براءة : ٦٣ ) ) ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له