" صفحة رقم ١٩٦ "
طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُو
اْ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الاَْرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (
أعاد خطاب الناس بعد أن أنذرهم بزلزلة الساعة، وذكر أن منهم من يجادل في الله بغير علم، فأعاد خطابهم بالاستدلال على إمكان البعث وتنظيره بما هو أعظم منه. وهو الخلق الأول. قال تعالى :( أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ( ( ق : ١٥ ). فالذي خلق الإنسان من عدم وأخرجه من تراب، ثم كونه من ماء. ثم خلقه أطواراً عجيبة، إلى أن يتوفاه في أحوال جسمه وفي أحوال عقله وإدراكه، قادر على إعادة خلقه بعد فنائه.
ودخول المشركين بادىء ذي بدء في هذا الخطاب أظهر من دخولهم في الخطاب السابق لأنهم الذين أنكروا البعث، فالمقصود الاستدلال عليهم ولذلك قيل إن الخطاب هنا خاص بهم.
وجُعل ريْبهم في البعث مفروضاً ب ( إن ) الشرطية مع أن ريبهم محقق للدلالة على أن المقام لما حف به من الأدلة المبطلة لريبهم ينزل منزلة مقام من لا يتحقق ريبُه كما في قوله تعالى :( أفنضرب عنكم الذكر صفحاً أنّ كنتم قوماً مسرفين ( ( الزخرف : ٥ ).
والظرفية المفادة ب ( في ) مجازية. شبهت ملابسة الريب إياهم بإحاطة الظرف بالمظروف.
وجملة ) فإنا خلقناكم من تراب ( واقعة موقع جواب الشرط ولكنها لا يصلح لفظها لأن يكون جواباً لهذا الشرط بل هي دليل الجواب، والتقدير : فاعلموا أو فنعلمكم بأنه ممكن كما خلقناكم من تراب مثل الرُّفات الذي تصير إليه الأجساد بعد الموت، أو التقدير : فانظروا في بدء خلقكم فإنا خلقناكم من تراب.


الصفحة التالية
Icon