" صفحة رقم ١٩٩ "
لأنه إكمال للدليل وتنبيه على أن تخليقها نشأ عن عدم. فكلا الحالين دليل على القدرة على الإنشاء وهو المقصود من الكلام.
ولذلك عقب بقوله تعالى لنبين لكم (، أي لنظهر لكم إذا تأملتم دليلاً واضحاً على إمكان الإحياء بعد الموت.
واللام للتعليل متعلقة بما في تضمينه جواب الشرط المقدرُ من فعل ونحوه تدل عليه جملة ) فإنا خلقناكم من تراب ( الخ، وهو فعل : فاعلموا، أو فنُعلمكم، أو فانظروا.
وحذف مفعول ) لِنُبيّن ( لتذهب النفس في تقديره كل مذهب مما يرجع إلى بيان ما في هذه التصرفات من القدرة والحكمة، أي لنبيّن لكم قدرتنا وحكمتنا.
وجملة ) ونقرّ ( عطف على جملة ) فإنا خلقناكم من تراب ). وعدل عن فعل المضي إلى الفعل المضارع للدلالة على استحضار تلك الحالة لما فيها من مشابهة استقرار الأجساد في الأجداث ثم إخراجها منها بالبعث كما يخرج الطفل من قرارة الرحم، مع تفاوت القرار. فمن الأجنة ما يبقى ستة أشهر، ومنها ما يزيد على ذلك، وهو الذي أفاده إجمال قوله تعالى :( إلى أجل مسمى ). والاستدلال في هذا كله بأنه إيجاد بعد العدم وإعدام بعد الوجود لتبيين إمكان البعث بالنظير وبالضد.
والأجل : الأمد المجعول لإتمام عمل ما، والمراد هنا مدة الحمل.
والمسمّى : اسم مفعول من سَماه، إذا جعل له اسماً، ويستعار المسمّى للمعيّن المضبوط تشبيهاً لضبط الأمور غيرِ المشخصة بعدد معيّن أو وقت محسوب، بتسمية الشخص بوجه شبه يُميزه عما شابهه.