" صفحة رقم ٢٢٨ "
جملة ) هذان خصمان ( موقع الاستئناف البياني. لأن قوله ) وكثير حق عليه العذاب ( ( الحج : ١٨ ) يثير سؤال من يسأل عن بعض تفصيل صفة العذاب الذي حقّ على كثير من الناس الذين لم يسجدوا لله تعالى، فجاءت هذه الجملة لتفصيل ذلك، فهي استئناف بياني. فاسم الإشارة المثنى مشير إلى ما يفيده قوله تعالى :( وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ( ( الحج : ١٨ ) من انقسام المذكورين إلى فريقين أهل توحيد وأهل شرك كما يقتضيه قوله :( وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ( ( الحج : ١٨ ) من كون أولئك فريقين : فريق يسجد لله تعالى، وفريق يسجد لغيره. فالإشارة إلى ما يستفاد من الكلام بتنزيله منزلة ما يشاهد بالعين، ومثلها كثير في الكلام.
والاختصام : افتعال من الخصومة، وهي الجدل والاختلاف بالقول يقال : خاصمه واختصما، وهو من الأفعال المقتضية جَانبين فلذلك لم يسمع منه فعل مجرد إلا إذا أريد منه معنى الغلب في الخصومة لأنه بذلك يصير فاعله واحداً. وتقدم قوله تعالى :( ولا تكن للخائنين خصيماً في ( ( سورة النساء : ١٠٥ ). واختصام فريقي المؤمنين وغيرهم معلوم عند السامعين قد ملأ الفضاءَ جلبتُه، فالإخبار عن الفريقين بأنهما خصمان مسوق لغير إفادة الخبر بل تمهيداً للتفصيل في قوله ) فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار ).
فالمراد من هذه الآية ما يعمّ جميع المؤمنين وجميع مخالفيهم في الدّين.
ووقع في ( الصحيحين ) عن أبي ذرّ : أنه كان يُقسِم أنَّ هذه الآية ) هذان خصمان اختصموا في ربهم ( نزلت في حمزة وصاحبيه عليّ بن أبي طالب وعتبةَ بن الحارث الذين بارزوا يوم بدر شَيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليدَ بن عتبة.