" صفحة رقم ٢٣٥ "
ذكر الهداية في قوله :( وهدوا إلى الطيب من القول (، ولم يسبق مقابل لمضمون هذه الجملة بالنسبة لأحوال الكافرين وسيجيء ذكر مقابلها في قوله :( إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله ( إلى قوله :( نذقه من عذاب أليم ( ( الحج : ٢٥ ) وذلك من أفانين المقابلة. والمعنى : وقد هُدُوا إلى صراط الحميد في الدنيا، وهو دين الإسلام، شبه بالصراط لأنه موصل إلى رضى الله.
والحميد من أسماء الله تعالى، أي المحمود كثيراً فهو فعيل بمعنى مفعول، فإضافة ) صراط ( إلى اسم ( الله ) لتعريف أيّ صراط هو. ويجوز أن يكون ) الحميد ( صفة ل ) صراط، ( أي المحمود لسالكه. فإضافة صراط إليه من إضافة الموصوف إلى الصفة، والصراط المحمود هو صراط دين الله. وفي هذه الجملة إيماء إلى سبب استحقاق تلك النعم أنه الهداية السابقة إلى دين الله في الحياة الدنيا.
) ) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِى جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (
هذا مقابل قوله ) وهدوا إلى صراط الحميد ( ( الحج : ٢٤ ) بالنسبة إلى أحوال المشركين إذ لم يسبق لقوله ذلك مقابِل في الأحوال المذكورة في آية ) فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار ( ( الحج : ١٩ ) كما تقدم. فموقع هذه الجملة الاستئناف البياني. والمعنى : كما كان سبب استحقاق المؤمنين ذلك النعيم اتّباعهم صراط الله كذلك كان سبَبُ استحقاق المشركين ذلك العذَاب كفرَهم وصدّهم عن سبيل الله.