" صفحة رقم ٢٣٧ "
ووصف المسجد بقوله :( الذي جعلناه للناس ( الآية للإيماء إلى علّة مؤاخذة المشركين بصدّهم عنه لأجل أنهم خالفوا ما أراد الله منه فإنه جعله للناس كلهم يستوي في أحقية التعبّد به العاكفُ فيه، أي المستقرّ في المسجد، والبادي، أي البعيد عنه إذا دخله.
والمراد بالعاكف : الملازم له في أحوال كثيرة، وهو كناية عن الساكن بمكة لأنّ الساكن بمكة يعكف كثيراً في المسجد الحرام، بدليل مقابلته بالبادِي، فأطلق العكوف في المسجد على سكنى مكة مجازاً بعلاقة اللزوم العرفي. وفي ذكر العكوف تعريض بأنهم لا يستحقون بسكنى مكة مزية على غيرهم، وبأنهم حين يمنعون الخارجين عن مكة من الدخول للكعبة قد ظلموهم باستئثارهم بمكة.
وقرأ الجمهور ) سواءٌ ( بالرفع على أنه مبتدأ ) والعاكف فيه ( فاعل سدّ مسدّ الخبر، والجملة مفعول ثان ل ) جعلناه. ( وقرأه حفص بالنصب على أنه المفعول الثاني ل ) جعلناه.
والعكوف : الملازمة. والبادي : ساكن البادية.
وقوله سواء ( لم يبيّن الاستواء فيما ذا لظهور أنّ الاستواء فيه بصفة كونه مسجداً إنما هي في العبادة المقصودة منه ومن ملحقاته وهي : الطواف، والسّعي، ووقوف عرفة.
وكتب ) والباد ( في المصحف بدون ياء في آخره، وقرأ ابن كثير ) والبادِي ( بإثبات الياء على القياس لأنه معرف، والقياس إثبات ياء الاسم المنقوص إذا كان معرّفاً باللام، ومحمل كتابته في المصحف بدون ياء عند أهل هذه القراءة أنّ الياء عوملت معاملة الحركات وألِفات أواسط الأسماء فلم يكتبوها. وقرأه نافع بغير