" صفحة رقم ٢٣٩ "
بناء على ذلك لأنّ من القائلين بأنها فتحت عنوة قائلين بتملك دور مكة فهذا مالك بن أنس يراها فتحت عنوة ويرى صحة تملك دورها. ووجه ذلك : أن النبي ( ﷺ ) أقرّ أهلها في منازلهم فيكون قد أقطعهم إياها كما مَنّ على أهلها بالإطلاق من الأسر ومن السبي. ولم يزل أهل مكة يتبايعون دورهم ولا ينكر عليهم أحد من أهل العلم.
وخبر ) إن الذين كفروا ( محذوف تقديره : نذقهم من عذاب أليم، دلّ عليه قوله في الجملة الآتية :( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ).
وإذ كان الصد عن المسجد الحرام إلحاداً بظلم فإن جملة ) ومن يرد فيه بإلحاد بظلم ( تذييل للجملة السابقة لما في ( مَن ) الشرطية من العموم.
والإلحاد : الانحراف عن الاستقامة وسواء الأمور. والظلم يطلق على الإشراك وعلى المعاصي لأنها ظلم النفس.
والباء في ) بإلحاد ( زائدة للتوكيد مثلها في ) وامسحوا برؤوسكم ( ( المائدة : ٦ ). أي من يُرد إلحاداً وبعداً عن الحق والاستقامة وذلك صدهم عن زيارته.
والباء في ) بظلم ( للملابسة. فالظلم : الإشراك، لأنّ المقصود تهديد المشركين الذين حملهم الإشراك على مناوأة المسلمين ومنعهم من زيارة المسجد الحرام.
و ( من ) في قوله :( من عذاب أليم ( مزيدة للتوكيد على رأي من لا يشترطون لزيادة ( مِن ) وقوعها بعد نفي أو نهي. ولك أن تجعلها للتبعيض، أي نذقه عذاباً من عذاب أليم.