" صفحة رقم ٢٤٧ "
فالأمر بالأكل منها يحتمل أن يكون أمر وجوب في شريعة إبراهيم عليه السلام فيكون الخطاب في قوله ) فكلوا ( لإبراهيم ومن معه.
وقد عدل عن الغيبة الواقعة في ضمائر ) ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام (، إلى الخطاب بذلك في قوله :( فكلوا منها وأطعموا البائس ( الخ. على طريقة الالتفات أو على تقدير قول محذوف مأمورٍ به إبراهيم عليه السلام.
وفي حكاية هذا تعريض بالرد على أهل الجاهلية إذ كانوا يمنعون الأكل من الهدايا.
ثم عاد الأسلوب إلى الغيبة في قوله :( ثم ليقضوا تفثهم ( ( الحج : ٢٩ ).
ويحتمل أن تكون جملة ) فكلوا منها ( الخ معترضة مفرّعة على خطاب إبراهيم ومن معه تفريعَ الخبر على الخبر تحذيراً من أن يُمنع الأكل من بعضها.
والأيام المعلومات أجملت هنا لعدم تعلّق الغرض ببيانها إذ غرض الكلام ذكر حجّ البيت وقد بينت عند التعرض لأعمال الحج عند قوله تعالى :( واذكروا الله في أيام معدودات ( ( البقرة : ٢٠٣ ).
والبائس : الذي أصابه البؤس، وهو ضيق المال، وهو الفقير، هذا قول جمع من المفسرين. وفي ( الموطأ ) : في باب ما يكره من أكل الدواب، قال مالك : سمعت أن البائس هو الفقير اه. وقلت : من أجل ذلك لم يعطف أحد الوصفين على الآخر لأنه كالبيان له وإنما ذكر البائس مع أنّ الفقير مغن عنه لترقيق أفئدة الناس على الفقير بتذكيرهم أنه في بؤس لأن وصف فقير لشيوع تداوله على الألسن صار كاللقب