" صفحة رقم ٢٦٥ "
فقال مالك : يباح الأكل من لحوم الهدايا الواجبة، وهو عنده مستحبّ ولا يؤكل من فدية الأذى وجزاءِ الصيد ونذر المساكين، والحُجّة لمالك صريح الآية. فإنها عامة إلا ما قام الدّليل على منعه وهي الثلاثة الأشياء المستثناة.
وقال أبو حنيفة : يأكل من هدي التمتّع والقِران، ولا يأكل من الواجب الذي عيّنه الحاج عند إحرامه.
وقال الشافعي : لا يأكل من لحوم الهدايا بحاللٍ مستنداً إلى القياس، وهو أن المُهدي أوجب إخراج الهدي من ماله فكيف يأكل منه. كذا قال ابن العربي. وإذا كان هذا قصارى كلام الشافعي فهو استدلال غير وجيه ولفظ القرآن ينافيه لا سيما وقد ثبت أكل النبي ( ﷺ ) وأصحابه من لحوم الهدايا بأحاديث صحيحة.
وقال أحمد : يؤكل من الهدايا الواجبة إلاّ جزاء الصيد والنذر.
وأما الأمر في قوله :( وأطعموا القانع والمعتر ( فقال الشافعي : للوجوب، وهو الأصح. قال ابن العربي وهو صريح قول مالك. وقلت : المعروف من قول مالك أنه لو اقتصر المُهدي على نحر هديه ولم يتصدق منه ما كان آثماً.
والقانع : المتصف بالقنوع، وهو التذلل. يقال : قنَع من باب سَأل. قُنوعاً بضم القاف إذا سأل بتذلّل.
وأما القناعة ففعلها من باب تَعِب ويستوي الفعل المضارع مع اختلاف الموجب. ومن أحسن ما جمع من النظائر ما أنشده الخفاجي :
العَبْد حرّ إن قَنِع
والحر عبد إن قنَع
فاقنَع ولا تقنَع فما
شيء يشين سوى الطمَع