" صفحة رقم ٩ "
غافلون عن تطلب الحساب إياهم كما يكون قوم غارّين معرضين عن اقتراب العدوّ منهم، فالكلام تمثيل.
والمراد من الحساب إما يوم الحساب، ومعنى اقترابه أنه قريب عند الله لأنه محقق الوقوع، أو قريب بالنسبة إلى ما مضى من مدة بقاء الدنيا كقول النبي ( ﷺ ) ( بُعِثتُ أنا والساعة كهاتين )، أو اقترب الحساب كناية عن اقتراب موتهم لأنهم إذا ماتوا رأوْا جَزاء أعمالهم، وذلك من الحساب. وفي هذا تعريض بالتهديد بقرب هلاكهم وذلك بفنائهم يوم بدر.
أو المراد بالحساب المؤاخذة بالذنب كما في قوله تعالى :( إنْ حسابهم إلاّ على ربي ( ( الشعراء : ١١٣ ) وعليه فالاقتراب مستعمل في حقيقته أيضاً فهو من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه.
واللام في قوله ) للناس ( إن أبقيت على معناها الأصلي من الاختصاص فذكرها تأكيد لمعنى اللام المقدرة في الإضافة في قوله ) حسابهم ( لأن تقديره : حسابٌ لهم. والضمير عائد إلى ) الناس ( فصار قوله ) للناس ( مساوياً للضمير الذي أضيف إليه ( حساب ) فكأنه قيل : اقترب حساب للناس لهم فكانَ تأكيداً لفظياً، وكما تقول : أزف للحي رَحيلُهم، أصله أزف الرحيلُ للحيّ ثم صار أزف للحي رحيلُهم، ومنه قول العرب : لا أبَا لك، أصله لا أباكَ، فكانت لام ( لك ) مؤكدة لمعنى الإضافة لإمكان إغناء الإضافة عن ذكر اللام. قال الشاعر :
أبالموت الذي لا بد أني
مُلاق لا أباك تخوّفيني
وأصل النظم : اقترب للناس الحساب. وإنما نظم التركيب على هذا النظم بأن قدم ما يدل على المضاف إليه وعُرِّف ) الناس ( تعريف الجنس ليحصل ضرب من الإبهام ثم يقع بعده التبيين، ولِما في تقديم الجار


الصفحة التالية
Icon