" صفحة رقم ١٤٧ "
يكون بداعي المحبة والموافقة بين الرجل والمرأة دون عوض، فإن كان بعوض فهو البغاء يكون في الحرائر ويغلب في الإماء وكانوا يجهرون به فكانت البغايا يجعلن رايات على بيوتهن مثل راية البيطار ليعرفن بذلك وكل ذلك يشمله اسم الزنى في اصطلاح القرآن وفي الحكم الشرعي. وتقدم ذكر الزنى في قوله تعالى :( ولا تقربوا الزنى ( في سورة الإسراء ( ٣٢ ).
والجلد : الضرب بسير من جلد. مشتق من الجلد بكسر الجيم لأنه ضرب الجلد. أي البشرة. كما اشتق الجَبْه، والبَطْن، والرأس في قولهم جَبَهه إذا ضرب جبهته، وبَطنَه إذا ضرب بطنه، ورَأسه إذا ضرب رأسه. قال في ( الكشاف ) : وفي لفظ الجلد إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتجاوز الألم إلى اللحم اه. أي لا يكون الضرب يُطير الجلد حتى يظهر اللحم، فاختيار هذا اللفظ دون الضرب مقصود به الإشارة إلى هذا المعنى على طريقة الإدماج.
واتفق فقهاء الأمصار على : أن ضرب الجلد بالسوط. أي بسَيْر من جلد. والسوط : هو ما يضرب به الراكب الفرس وهو جلد مضفور، وأن يكون السوط متوسط اللين، وأن يكون رفع يد الضارب متوسطاً. ومحل الجلد هو الظهر عند مالك. وقال الشافعي : تضرب سائر الأعضاء ما عدا الوجه والفرج. وأجمعوا على ترك الضرب على المقاتل، ومنها الرأس في الحد. روى الطبري أن عبد الله بن عمر حد جارية أحدثت فقال للجالد : اجلد رجليها وأسفلها، فقال له ابنه عبد الله : فأين قول الله تعالى :( ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ( فقال فاقتها. وقوله :( كل واحد منهما ( تأكيد للعموم المستفاد من التعريف فلم يكتف بأن يقال : فاجلدوهما، كما قال :( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ( ( المائدة : ٣٨ ) وتذكير كل واحد تغليب للمذكر مثل ) وكانت من القانتين ( ( التحريم : ١٢ ).
والخطاب بالأمر بالجلد موجه إلى المسلمين فيقوم به من يتولى أمور المسلمين من الأمراء والقضاة ولا يتولاه الأولياء، وقال مالك والشافعي وأحمد : يقيم السيد على عبده وأمته حد الزنى، وقال أبو حنيفة لا يقيمه


الصفحة التالية
Icon