" صفحة رقم ١٦٩ "
أهلك بعضاً أو سكت على ما لا على مثله يغضى، ولولا أن الله تواب حكيم لما رد على من تاب فأصلح ما سلبه منه من العدالة وقبول الشهادة.
وفي ذكر وصف ( الحكيم ) هنا مع وصف ) تواب ( إشارة إلى أن في هذه التوبة حكمة وهي استصلاح الناس.
وحذف جواب ) لولا ( للتفخيم والتعظيم وحذفه طريقة لأهل البلاغة، وقد تكرر في هذه السورة وهو مثل حذف جواب ( لو )، وتقدم حذف جواب ( لو ) عند قوله تعالى :( ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب ( في سورة البقرة ( ١٦٥ ). وجواب ( لولا ) لم يحضرني الآن شاهد لحذفه وقد قال بعض الأئمة : إن ( لولا ) مركبة من ( لو ) و ( لا ).
) ) إِنَّ الَّذِينَ جَآءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ).
استئناف ابتدائي فإن هذه الآيات العشر إلى قوله تعالى :( والله سميع عليم ( ( النور : ٢١ ) نزلت في زمن بعيد عن زمن نزول الآيات التي من أول هذه السورة كما ستعرفه.
والإفك : اسم يدل على كذب لا شبهة فيه فهو بهتان يفجأ الناس. وهو مشتق من الأفك بفتح الهمزة وهو قلب الشيء، ومنه سمي أهل سدوم وعمورة وأدمة وصبوييم قرى قوم لوط أصحاب المؤتفكة لأن قراهم ائتفكت، أي قُلبت وخسف بها فصار أعلاها أسفلها فكان الإخبار عن الشيء بخلاف حالته الواقعية قلباً له عن حقيقته فسمي إفكاً. وتقدم عند قوله تعالى :( فإذا هي تلقف ما يأفكون ( في سورة الأعراف ( ١١٧ ).
و ) جاءو بالإفك ( معناه : قصدوا واهتموا. وأصله : أن الذي يخبر بخبر غريب يقال له : جاء بخبر كذا، لأن شأن الأخبار الغريبة أن تكون مع الوافدين من


الصفحة التالية
Icon