" صفحة رقم ١٧٧ "
عنهم بالتوبة. والخطاب للمؤمنين دون رأس المنافقين. وهذه الآية تؤيد ما عليه الأكثر أن النبي ( ﷺ ) لم يحد حد القذف أحداً من العصبة الذين تكلموا في الإفك. وهو الأصح من الروايات : إما لعفو عائشة وصفوان، وإما لأن كلامهم في الإفك كان تخافتاً وسراراً ولم يجهروا به ولكنهم أشاعوه في أوساطهم ومجالسهم. وهذا الذي يشعر به حديث عائشة في الإفك في ( صحيح البخاري ) وكيف سمعت الخبر من أم مسطح وقولها : أَوَ قَد تحدث بهذا وبلغ النبي وأبويّ ؟. وقيل : حد حسان ومسطحاً وحمنة، قاله ابن إسحاق وجماعة، وأما عبد الله بن أبيّ فقال فريق : إنه لم يحد حد القذف تأليفاً لقلبه للإيمان. وعن ابن عباس أن أبيّاً جلد حد القذف أيضاً.
والإفاضة في القول مستعار من إفاضة الماء في الإناء، أي كثرته فيه. فالمعنى : ما أكثرتم القول فيه والتحدث به بينكم.
) ) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَّا لَّيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ ).
) إذ ( ظرف متعلق ب ) أفضتم ( ( النور : ١٤ ) والمقصود منه ومن الجملة المضاف هو إليها استحضار صورة حديثهم في الإفك وبتفظيعها.
وأصل ) تلقونه ( تتلقونه بتاءين حذفت إحداهما. وأصل التلقي أنه التكلف للقاء الغير، وتقدم في قوله تعالى :( فتلقى آدم من ربه كلمات ( ( البقرة : ٣٧ ) أي علمها ولقنها، ثم يطلق التلقي على أخذ شيء باليد من يد الغير كما قال الشماخ :
إذا ما راية رُفعت لمجد
تلقاها عَرابة باليمين
وفي الحديث :( من تصدق بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيباً تلقاها الرحمن بيمينه.. ) الحديث، وذلك بتشبيه التهيُؤ لأخذ المعطى