" صفحة رقم ١٨ "
ثناء على المؤمنين بالمحافظة على الصلوات، أي بعدم إضاعتها أو إضاعة بعضها، والمحافظة مستعملة في المبالغة في الحفظ إذ ليست المفاعلة هنا حقيقيَّة كقوله تعالى :( حافظوا على الصلوات ( ( البقرة : ٢٣٨ ) وتقدّم معنى الحفظ قريباً.
وجيء بالصلوات بصيغة الجمع للإشارة إلى المحافظة على أعدادها كلها تنصيصاً على العموم.
وإنما ذكر هذا مع ما تقدم من قوله :( الذين هم في صلاتهم خاشعون ( ( المؤمنون : ٢ ) لأن ذكر الصلاة هنالك جاء تبعاً للخشوع فأريد ختم صفات مدحهم بصفة محافظتهم على الصلوات ليكون لهذه الخصلة كمالُ الاستقرار في الذهن لأنها آخر ما قرع السمع من هذه الصفات.
وقد حصل بذلك تكرير ذكر الصلاة تنويهاً بها، ورداً للعجز على الصدر تحسيناً للكلام الذي ذكرت فيه تلك الصفات لتزداد النفس قبولاً لسماعها ووعيها فتتأسى بها.
والقول في إعادة الموصول وتقديم المعمول وإضافة الصلوات إلى ضميرهم مثل القول في نظيره ونظائره.
وقرأ الجمهور ) على صلواتهم ( بصيغة الجمع، وقرأه حمزة والكسائي وخلف ) على صلاتهم ( بالإفراد.
وقد جمعت هذه الآية أصول التقوى الشرعية لأنها أتت على أعسر ما تُراض له النفس من أعمال القلب والجوارح.
فجاءت بوصف الإيمان وهو أساس التقوى لقوله تعالى :( ثم كان من الذين آمنوا ( ( البلد : ١٧ ) وقوله :( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ( ( النور : ٣٩ ).
ثم ذكرت الصلاة وهي عماد التقوى والتي تنهى عن الفحشاء والمنكر لما فيها من تكرر استحضار الوقوف بين يدي الله ومناجاته.


الصفحة التالية
Icon