" صفحة رقم ١٨١ "
في سورة يوسف ( ١٠٨ ). والأحسن أن يكون هنا لإعلان المتكلم البراءة من شيء بتمثيل حال نفسه بحال من يشهد الله على ما يقول فيبتدىء بخطاب الله بتعظيمه ثم بقول :( هذا بهتان عظيم ( تبرّئاً من لازم ذلك وهو مبالغة في إنكار الشيء والتعجب من وقوعه.
وتوجيه الخطاب إلى الله في قوله :( سبحانك ( للإشعار بأن الله غاضب على من يخوض في ذلك فعليهم أن يتوجهوا لله بالتوبة منه لمن خاضوا فيه وبالاحتراز من المشاركة فيه لمن لم يخوضوا فيه.
وجملة :( هذا بهتان عظيم ( تعليل لجملة :( ما يكون لنا أن نتكلم بهذا ( فهي داخلة في توبيخ المقول لهم.
ووصف البهتان بأنه ) عظيم ( معناه أنه عظيم في وقوعه، أي بالغ في كنه البهتان مبلغاً قوياً.
وإنما كان عظيماً لأنه مشتمل على منكرات كثيرة وهي : الكذب، وكون الكذب يطعن في سلامة العرض، وكونه يسبب إحناً عظيمة بين المفترين والمفترى عليهم بدون عذر، وكون المفترى عليهم من خيرة الناس وانتمائهم إلى أخير الناس من أزواج وآباء وقرابات، وأعظم من ذلك أنه اجتراء على مقام النبي ( ﷺ ) ومقام أم المؤمنين رضي الله عنها.
والبهتان مصدر مثل الكفران والغفران. والبهتان : الخبر الكذب الذي يُبهت السامع لأنه لا شبهة فيه. وقد مضى عند قوله تعالى :( وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً ( في سورة النساء ( ١٥٦ ).
، ١٨ ) ) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الاَْيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ).
بعد أن بيّن الله تعالى ما في خبر الإفك من تَبعات لحق بسببها للذين جاءوا به والذين تقبلوه عديدُ التوبيخ والتهديد، وافتضاحٌ للذين روّجوه