" صفحة رقم ١٩٥ "
وعطف ) والخبيثون للخبيثات ( إطناب لمزيد العناية بتقرير هذا الحكم ولتكون الجملة بمنزلة المثل مستقلة بدلالتها على الحكم وليكون الاستدلال على حال القرين بحال مقارنه حاصلاً من أي جانب ابتدأه السامع.
وذكر ) والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ( إطناب أيضاً للدلالة على أن المقارنة دليل على حال القرينين في الخير أيضاً.
وعطف ) والطيبون للطيبات ( كعطف ) والخبيثون للخبيثات ).
وتقدم الكلام على الخبيث والطيب عند قوله تعالى :( ليميز الله الخبيث من الطيب ( في سورة الأنفال ( ٣٧ ) وقوله :( قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة ( في سورة آل عمران ( ٣٨ ) وقوله :( ويحرّم عليهم الخبائث ( في سورة الأعراف ( ١٥٧ ).
وغلب ضمير التذكير في قوله :( مبرءون ( وهذه قضية كلية ولذلك حق لها أن تجري مجرى المثل وجعلت في آخر القصة كالتذييل.
والمراد بالخبث : خبث الصفات الإنسانية كالفواحش. وكذلك المراد بالطيب : زكاء الصفات الإنسانية من الفضائل المعروفة في البشر فليس الكفر من الخبث ولكنه من متمماته. وكذلك الإيمان من مكملات الطيب فلذلك لم يكن كفر امرأة نوح وامرأة لوط ناقضاً لعموم قوله :( الخبيثات للخبيثين ( فإن المراد بقوله تعالى :( كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما ( ( التحريم : ١٠ ) أنهما خانتا زوجيهما بإبطان الكفر. ويدل لذلك مقابلة حالهما بحال امرأة فرعون ) إذ قالت رب ابْننِ لي عندك بيتاً في الجنة إلى قوله : ونجني من القوم الظالمين ( ( التحريم : ١١ ).
والعدول عن التعبير عن الإفك باسمه إلى ) ما يقولون ( إلى أنه لا يعدو كونه قولاً، أي أنه غير مطابق للواقع كقوله تعالى :( ونرثه ما يقول ( ( مريم : ٨٠ ) لأنه لا مال له ولا ولد في الآخرة.
والرزق الكريم : نعيم الجنة. وتقدم أن الكريم هو النفيس في جنسه عند قوله :( درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم في سورة الأنفال ( ٤ ).