" صفحة رقم ٢٠٠ "
ومعنى ) ازكى لكم ( أنه أفضل وخير لكم من أن يأذنوا على كراهية. وفي هذا أدب عظيم وهو تعليم الصراحة بالحق دون المواربة ما لم يكن فيه أذى. وتعليم قبول الحق لأنه أطمن لنفس قابله من تلقي ما لا يدري أهو حق أم مواربة، ولو اعتاد الناس التصارح بالحق بينهم لزالت عنهم ظنون السوء بأنفسهم.
وأما السكوت فهو ما بيّن حكمه حديث أبي موسى. وفعل ) تسلموا ( معناه تقولوا : السلام عليكم، فهو من الأفعال المشتقة من حكاية الأقوال الواقعة في الجمل مثل : رحّب وأهّل، إذا قال : مرحباً وأهلاً، وحيّا، إذا قال : حيَّاك الله، وجزّأ إذ قال له : جزاك الله خيراً. وسهَّل، إذا قال : سهلاً، أي حللت سهلاً. قال البعيث بن حريث :
فقلت لها أهلاً وسهلاً ومرحباً
فردت بتأهيل وسهل ومرحبِ
وفي الحديث :( تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين ). وهي قريبة من النحت مثل : بسمل، إذا قال : باسم الله، وحسبل، إذا قال : حسبنا الله.
و ) على أهلها ( يتعلق ب ) تسلموا ( لأنه أصله من بقية الجملة التي صيغ منها الفعل التي أصلها : السلام عليكم، كما يعدى رحَّب به، إذا قال : مرحباً بك، وكذلك أهّل به وسهّل به. ومنه قوله تعالى :( يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلموا تسليماً ( ( الأحزاب : ٥٦ ).
وصيغة التسليم هي : السلام عليكم. وقد علمها النبي ( ﷺ ) أصحابه، ونهى أبا جُزَي الهجيمي عن أن يقول : عليك السلام. وقال له : إن عليك السلام تحية الميت ثلاثاً، أي الابتداء بذلك. وأما الرد فيقول : وعليك السلام بواو العطف وبذلك فارقت تحية الميت ورحمة الله. أخرج ذلك الترمذي في كتاب الاستئذان. وتقدم السلام في قوله تعالى :( وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم ( في سورة الأنعام ( ٥٤ ).