" صفحة رقم ٢٠٨ "
الشأن أن يكون للمستثنى جميع أحوال المستثنى منه. وتأوله الشافعي بأنه استثناء في حالة الصلاة خاصة دون غيرها وهو تخصيص لا دليل عليه.
ونُهِين عن التساهل في الخِمرة. والخمار : ثوب تضعه المرأة على رأسها لستر شعرها وجيدها وأذنيها وكان النساء ربما يسدلن الخمار إلى ظهورهن كما تفعل نساء الأنباط فيبقى العنق والنحر والأذنان غير مستورة فلذلك أُمرْنَ بقوله تعالى :( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ). والضرب : تمكين الوضع وتقدم في قوله تعالى :( إن الله لا يستحيِ أن يضرب مثلاً ( في سورة البقرة ( ٢٦ ).
والمعنى : ليشددن وضع الخمر على الجيوب، أي بحيث لا يظهر شيء من بشرة الجيد.
والباء في قوله ) بخمرهن ( لتأكيد اللصوق مبالغة في إحكام وضع الخمار على الجيب زيادة على المبالغة المستفادة من فعل ) يضربن ).
والجُيوب : جمع جيب بفتح الجيم وهو طوق القميص مما يلي الرقبة. والمعنى : وليضعن خمرهن على جيوب الأقمصة بحيث لا يبقى بين منتهى الخمار ومبدأ الجَيب ما يظهر منه الجيد.
وقوله :( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ( أعيد لفظ ) ولا يبدين زينتهن ( تأكيداً لقوله ) ولا يبدين زينتهن ( المتقدم وليبني عليه الاستثناء في قوله :( إلا لبعولتهن ( إلخ الذي مقتضى ظاهره أن يعطف على ) إلا لبعولتهن ( لبعد ما بين الأول والثاني، أي ولا يبدين زينتهن غير الظاهرة إلا لمن ذُكروا بعد حرف الاستثناء لشدة الحرج في إخفاء الزينة غير الظاهرة في أوقات كثيرة، فإن الملابسة بين المرأة وبين أقربائها وأصهارها المستثنين ملابسة متكررة فلو وجب عليها ستر زينتها في أوقاتها كان ذلك حرجاً عليها.
وذكرت الآية اثني عشر مستثنى كلهم ممن يكثر دخولهم. وسكتت الآية عن غيرهم ممن هو في حكمهم بحسب المعنى. وسنذكر ذلك عند الفراغ من ذكر المصرح بهم في الآية.


الصفحة التالية
Icon