" صفحة رقم ٢١٧ "
وصيغة الأمر في قوله تعالى :( وأنكحوا الأيامى منكم ( إلى آخره مجملة تحتمل الوجوب والندب بحسب ما يعرض من حال المأمور بإنكاحهم : فإن كانوا مظنة الوقوع في مضار في الدين أو الدنيا كان إنكاحهم واجباً، وإن لم يكونوا كذلك فعند مالك وأبي حنيفة إنكاحهم مستحب. وقال الشافعي : لا يندب. وحمل الأمر على الإباحة، وهو محمل ضعيف في مثل هذا المقام إذ ليس المقام مظنة تردد في إباحة تزويجهم.
وجملة :( إن يكونوا فقراء ( الخ استئناف بياني لأن عموم الأيامى والعبيد والإماء في صيغة الأمر يثير سؤال الأولياء والموالي أن يكون الراغب في تزوج المرأة الأيم فقيراً فهل يرده الولي، وأن يكون سيد العبد فقيراً لا يجد ما ينفقه على زوجه، وكذلك سيد الأمة يخطبها رجل فقير حر أو عبد فجاء هذا لبيان إرادة العموم في الأحوال. ووعد الله المتزوج من هؤلاء إن كان فقيراً أن يغنيه الله، وإغناؤه تيسير الغنى إليه إن كان حراً وتوسعة المال على مولاه إن كان عبداً فلا عذر للولي ولا للمولى أن يرد خطبته في هذه الأحوال.
وإغناء الله إياهم توفيق ما يتعاطونه من أسباب الرزق التي اعتادوها مما يرتبط به سعيهم الخاص من مقارنة الأسباب العامة أو الخاصة التي تفيد سعيهم نجاحاً وتجارتهم رباحاً. والمعنى : أن الله تكفل لهم أن يكفيهم مؤنة ما يزيده التزوج من نفقاتهم.
وصفة الله ( الواسع ) مشتقة من فعل وسِع باعتبار أنه وصف مجازي لأن الموصوف بالسعة هو إحسانه. قال حجة الإسلام : والسعة تضاف مرة إلى العلم إذا اتسع وأحاط بالمعلومات الكثيرة، وتضاف مرة إلى الإحسان وبذل النعم، وكيفما قُدّر وعلى أي شيء نُزّل فالواسع المطلق هو الله تعالى لأنه إن نُظر إلى علمه فلا ساحل لبحر معلوماته وإن نُظر إلى إحسانه ونعمه فلا نهاية لمقدوراته ا هـ.
والذي يؤخذ من استقراء القرآن وصف الواسع المطلق إنما يراد به سعة الفضل والنعمة، ولذلك يقرن بوصف العلم ونحوه قال


الصفحة التالية
Icon