" صفحة رقم ٢٢٧ "
فقد تكون الآية توطئة لتحريم البغاء تحريماً باتاً. فحرم على المسلمين أن يكرهوا إماءهم على البغاء لأن الإماء المسلمات يكرهن ذلك ولا فائدة لهن فيه، ثم لم يلبث أن حرم تحريماً مطلقاً كما دل عليه حديث أبي مسعود الأنصاري أن رسول الله ( ﷺ ) نهى عن مهر البغيّ، فإن النهي عن أكله يقتضي إبطال البغاء.
وقد يكون هذا الاحتمال معضوداً بقوله تعالى بعده :( ومن يكرههنّ فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ( كما يأتي.
وفي ( تفسير الأصفهاني ) :( وقيل إنما جاء النهي عن الإكراه لا عن البغاء لأن حد الزنا نزل بعد هذا ). وهذا يقتضي أن صاحب هذا القول يجعل أول السورة نزل بعد هذه الآيات ولا يعرف هذا.
وقوله :( لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ( متعلق ب ) تكرهوا ( أي لا تكرهوهن لهذه العلة. ذكر هذه العلة لزيادة التبشيع كذكر ) إن أردن تحصناً ).
و ) عرض الحياة ( هو الأجر الذي يكتسبه الموالي من إمائهم وهو ما يسمى بالمهر أيضاً.
وأما قوله :( ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ( فهو صريح في أنه حكم متعلق بالمستقبل لأنه مضارع في حيّز الشرط، وهو صريح في أنه عَفْو عن إكراه.
والذي يشتمل عليه الخبر جانبان : جانب المُكرِهين وجانب المُكرَهات ( بفتح الراء )، فأما جانب المكرهين فلا يخطر بالبال أن الله غفور رحيم لهم بعد أن نهاهم عن الإكراه إذ ليس لمثل هذا التبشير نظير في القرآن.
وأما الإماء المُكرَهات فإن الله غفور رحيم لهن. وقد قرأ بهذا المقدر عبد الله بن مسعود وابن عباس فيما يروى عنهما وعن الحسن أنه كان يقول :