" صفحة رقم ٣٣٠ "
وقوله :( انظر ( مستعار لمعنى العلم تشبيهاً للأمر المعقول بالأمر المرئي لشدة وضوحه.
و ( كيف ) اسم للكيفية والحالة مجرد هنا عن معنى الاستفهام.
وفرع على هذا التعجيب إخبار عنهم بأنهم ضلوا في تلفيق المطاعن في رسالة الرسول فسلكوا طرائق لا تصل بهم إلى دليل مقنع على مرادهم، ففعل ) ضلوا ( مستعمل في معنييه المجازيين هما : معنى عدم التوفق في الحجة، ومعنى عدم الوصول للدين الحق، وهو هنا تعجيب من خَطَلِهم وإعراضٌ عن مجاوبتهم.
) ) تَبَارَكَ الَّذِى
إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذالِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً ).
ابتدئت السورة بتعظيم الله وثنائه على أن أنزل الفرقان على رسوله، وأعقب ذلك بما تلقى به المشركون هذه المزية من الجحود والإنكار الناشىء عن تمسكهم بما اتخذوه من آلهة من صفاتهم ما ينافي الإلاهية، ثم طعنوا في القرآن والذي جاء به بما هو كفران للنعمة ومن جاء بها.
فلما أريد الإعراض عن باطلهم والإقبال على خطاب الرسول بتثبيته وتثبيت المؤمنين أعيد اللفظ الذي ابتدئت به السورة على طريقة وصل الكلام بقوله :( تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك ).
وهذه الجملة استئناف واقع موقع الجواب عن قولهم ) أو تكون له جنة ( ( الفرقان : ٨ ) الخ، أي إن شاء جعل لك خيراً من الذي اقترحوه، أي أفضل منه، أي إن شاء عجله لك في الدنيا، فالإشارة إلى المذكور من قولهم، فيجوز أن يكون المراد بالجنات والقصور جناتتٍ في الدنيا وقصوراً فيها، أي خيراً من الذي اقترحوه دليلاً على صدقك في زعمهم بأن تكون عدة جنات وفيها قصور. وبهذا فسر


الصفحة التالية
Icon