" صفحة رقم ٣٣٢ "
من ذلك على تأويل ابن عطية من الوعد بإيتائه ذلك في الآخرة، أي بل هم لا يقنعون بأن حظ الرسول عند ربه ليس في متاع الدنيا الفاني الحقير ولكنه في خيرات الآخرة الخالدة غير المتناهية، أي أن هذا رد عليهم ومقنع لهم لو كانوا يصدّقون بالساعة ولكنهم كذبوا بها فهم متمادون على ضلالهم لا تُقنعهم الحجج.
والساعة : اسم غلب على عالم الخلود، تسمية باسم مبدئه وهو ساعة البعث. وإنما قصر تكذيبهم على الساعة لأنهم كذبوا بالبعث فهم بما وراءه أحرى تكذيباً.
وجملة : وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيراً ( معترضة بالوعيد لهم، وهو لعمومه يشمل المشركين المتحدث عنهم، فهو تذييل. ومن غرضه مقابلة ما أعد الله للمؤمنين في العاقبة بما أعده للمشركين.
والسعير : الالتهاب، وهو فعيل بمعنى مفعول، أي مسعور، أي زيد فيها الوقود، وهو معامل معاملة المذكر لأنه من أحوال اللهب، وتقدم في قوله تعالى :( كلما خَبَتْ زِدْناهُم سعيراً ( في سورة الإسراء ( ٩٧ ). وقد يطلق علَماً بالغلبة على جهنم وذلك على حذف مضاف، أي ذات سعير.
١٤ ) ) إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً لاَّ تَدْعُواْ الْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً ).
تخلص من اليأس من اقتناعهم إلى وصف السعير الذي أعد لهم، وأجري على السعير ضمير ) رأتهم ( بالتأنيث لتأويل السعير بجهنم إذ هو علم عليها بالغلبة كما تقدم.
وإسناد الرؤية إلى النار استعارة والمعنى : إذا سيقوا إليها فكانوا من النار بمكان ما يرى الرائي من وصل إليه سمعوا لها تغيظاً وزفيراً من مكان