" صفحة رقم ٣٣٩ "
ومعنى :( ما كان ينبغي لنا ( ما يطاوعنا طلب أن نتخذ عبدة لأن ( انبغى ) مطاوع ( بغاه ) إذا طلبه. فالمعنى : لا يمكن لنا اتخاذنا أولياء، أي عباداً، قال تعالى :( وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي ( ( ص : ٣٥ ). وقد تقدم في قوله تعالى :( وما ينبغي للرحمان أن يتخذ ولداً ( في سورة مريم ( ٩٢ ). وهو هنا كناية عن انتفاء طلبهم هذا الاتخاذ انتفاء شديداً، أي نتبرأ من ذلك، لأن نفي ( كان ) وجعل المطلوب نفيه خبراً عن ( كان ) أقوى في النفي ولذلك يسمى جحوداً. والخبر مستعمل في لازم فائدته، أي نعلم أنه لا ينبغي لنا فكيف نحاوله.
( ومن ) في قوله :( من دونك ( للابتداء لأن أصل ( دون ) أنه اسم للمكان، ويقدر مضاف محذوف يضاف إليه ( دون ) نحو : جلست دون، أي دون مكانه، فموقع ( من ) هنا موقع الحال من ) أولياء ). وأصلها صفة ل ) أولياء ( فلما قدمت الصفة على الموصوف صارت حالاً. والمعنى : لا نتخذ أولياء لنا موصوفين بأنهم من جانب دون جانبك، أي أنهم لا يعترفون لك بالوحدانية في الإلاهية فهم يشركون معك في الإلاهية.
وعن ابن جني : أن ( من ) هنا زائدة. وأجاز زيادة ( من ) في المفعول.
و ( من ) في قوله :( من أولياء ( مزيدة لتأكيد عموم النفي، أي استغراقه لأنه نكرة في سياق النفي.
والأولياء : جمع الولي بمعنى التابع في الولاء فإن الولي يرادف المولى فيصدق على كلا طرفي الولاء، أي على السيد والعبد، أو الناصر والمنصور. والمراد هنا : الوليّ التابع كما في قوله :( فتكون للشيطان ولياً ( في سورة مريم ( ٤٥ )، أي لا نطلب من الناس أن يكونوا عابدين لنا.
وقرأ الجمهور ) نتخذ ( بالبناء للفاعل. وقرأه أبو جعفر ) نتخذ ( بضم النون وفتح الخاء على البناء للمفعول، أي أن يتخذنا الناس أولياء لهم من دونك. فموقع ) من دونك ( موقع الحال من ضمير ) نتخذ ). والمعنى عليه : أنهم يتبرَّؤون من أن يدعوا الناس لعبادتهم، وهذا تسفيه للذين عبدوهم


الصفحة التالية
Icon