" صفحة رقم ٥٧ "
ثم جاءت جملة ) إن هو إلا رجل افترى على الله كذباً ( نتيجة عقب الاستدلال، فجاءت مستأنفة لأنها مستقلة على ما تقدمها فهي تصريح بما كني عنه آنفاً في قوله :( ما هذا إلا بشر مثلكم ( وما بعده من تكذيب دعوته، فاستخلصوا من ذلك أن حاله منحصر في أنه كاذب على الله فيما ادعاه من الإرسال. وضمير ) إن هو ( عائد إلى اسم الإشارة من قوله :( ما هذا إلا بشر مثلكم ).
فجملة ) افترى على الله كذباً ( صفة ل ) رجل ( وهي منصَبّ الحصر فهو من قصر الموصوف على الصفة قصر قلب إضافياً، أي لا كما يزعم أنه مرسل من الله.
وإنما أجروا عليه أنه رجل متابعة لوصفه بالبشرية في قولهم :( ما هذا إلا بشر مثلكم ( تقريراً لدليل المماثلة المنافية للرسالة في زعمهم، أي زيادة على كونه رجلاً مثلهم فهو رجل كاذب.
والافتراء : الاختلاق. وهو الكذب الذي لا شبهة فيه للمخبِر. وتقدم عند قوله تعالى :( ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب ( في سورة المائدة ( ١٠٣ ).
وإنما صرحوا بأنهم لا يؤمنون به مع دلالة نسبته إلى الكذب على أنهم لا يؤمنون به إعلاناً بالتبري من أن ينخدعوا لما دعاهم إليه، وهو مقتضى حال خطاب العامة.
والقول في إفادة الجملة الاسميَّة التقوية كالقول في ) وما نحن بمبعوثين ).
٣٩، ٤٠ ) ) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِى بِمَا كَذَّبُونِ قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ ).
استئناف بياني لأن ما حكي من صد الملإ الناس عند اتباعه وإشاعتهم عنه أنه مفتر على الله وتلفيقهم الحجج الباطلة على ذلك مما يثير سؤال سائل عما


الصفحة التالية
Icon