" صفحة رقم ١١٠ "
مثل التأنيث. وقد تقدمت الإشارة إلى هذا في سورة طه وأحلنا تحقيقه على ما هنا.
ومبادأة خطابهما فرعونَ بأن وصفا الله بصفة ربّ العالمين مجابهة لفرعون بأنه مربوب وليس بربّ، وإثبات ربوبية الله تعالى للعالمين. والنفي يقتضي وحدانية الله تعالى لأن العالمين شامل جميعَ الكائِنات فيشمل معبودات القبط كالشمس وغيرها، فهذه كلمة جامعة لما يجب اعتقاده يومئذ.
وجملة :( أن أرسل معنا بني إسرائيل ( تفسيرية لما تضمنه ) رسُول ( من الرسالة التي هي في معنى القول، أي هذا قول ربّ العالمين لك. و ) أَرْسِل معنا ( أَطلِقْ ولا تحبسهم، فالإرسال هنا ليس بمعنى التوجيه. وهذا الكلام يتضمن أن موسى أُمر بإخراج بني إسرائيل من بلاد الفراعنة لقصد تحريرهم من استعباد المصريين كما سيأتي عند قوله تعالى :( أن عبَّدْتَ بني إسرائيل ( ( الشعراء : ٢٢ )، وقد تقدم في سورة البقرة بيان أسباب سكنى بني إسرائيل بأرض مصر ومواطنهم بها وعملهم لفرعون.
، ١٩ ) ) قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِى فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ).
طوي من الكلام ذهاب موسى وهارون إلى فرعون واستئذانهما عليه وإبلاغهما ما أمرهما الله أن يقولا لفرعون إيجازاً للكلام. ووجَّه فرعون خطابه إلى موسى وحده لأنه علم من تفصيل كلام موسى وهارون أن موسى هو الرسول بالأصالة وأن هارون كان عوناً له على التبليغ فلم يشتغل بالكلام مع هارون. وأعرض فرعون عن الاعتناء بإبطال دعوة موسى فعدل إلى تذكيره بنعمة الفراعنة أسلافه على موسى وتخويفه من جنايته حسباناً بأن ذلك يقتلع الدعوة من جذمها ويكف موسى عنها، وقصدُه من هذا الخطاب إفحام موسى كي يتلعثم من خشيةِ فرعون حيث أوجد له سبباً يتذرع به إلى قتله ويكون معذوراً فيه حيث كفر نعمة الولاية بالتربية، واقترف جرم الجناية على الأنفس.


الصفحة التالية
Icon