" صفحة رقم ١٢٦ "
يريد ابعث إلينا ديناراً أو عبد رب سريعاً لأجل حاجتنا بأحدهما. ورجَوا اتّباع السحرة، أي اتباع ما يؤيده سحر السحرة وهو إبطال دين ما جاء به موسى، فكان قولهم ) لعلنا نتّبع السحرة ( كناية عن رجاء تأييدهم في إنكار رسالة موسى فلا يتبعونه. وليس المقصود أن يصير السحرة أيمة لهم لأن فرعون هو المتّبع. وقد جيء في شرط ) إن كانوا هم الغالبين ( بحرف ) إن ( لأنها أصل أدوَات الشرط ولم يكن لهم شك في أن السحرة غالبون. وهذا شأن المغرورين بهواهم، العُمي عن النظر في تقلبات الأحوال أنهم لا يفرضون من الاحتمالات إلا ما يوافق هواهم ولا يأخذون العُدة لاحتمال نقيضه.
٤١، ٤٢ ) ) فَلَمَّا جَآءَ السَّحَرَةُ قَالُواْ لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنَا لاََجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ).
تقدم نظيرها في سورة الأعراف بقوله :( وجاء السحرة ( ( الأعراف : ١١٣ ) وبطرح همزة الاستفهام إذ قال هناك ) إنَّ لنا لأجراً ( ( الأعراف : ١١٣ )، وهو تفنن في حكاية مقالتهم عند إعادتها لئلا تعاد كما هي، وبدون كلمة ) إذاً (، فحكى هنا ما في كلام فرعون من دلالة على جزاءِ مضموننِ قولهم :( إنَّ لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين ( ( الأعراف : ١١٣ ) زيادة على ما اقتضاه حرف ( نعم ) من تقرير استفهامهم عن الأجر. فتقدير الكلام : إن كنتم غالبين إذاً إنكم لمن المقربين. وهذا وقع الاستغناء عنه في سورة الأعراف فهو زيادة في حكاية القصة هنا. وكذلك شأن القرآن في قصصه أن لا يخلو المُعاد منها عن فائدة غير مذكورة في موضع آخر منه تجديداً لنشاط السامع كما تقدم في المقدمة السابعة من مقدمات هذا التفسير. وسؤالهم عن استحقاق الأجر إدلال بخِبرتهم وبالحاجة إليهم إذ علموا أن فرعون شديد الحرص على أن يكونوا غالبين وخافوا أن يُسَخِّرهم فرعون بدون أجر فشرطوا أجرهم من قبل الشروع في العمل ليقيدوه بوعده.
٤٣، ٤٤ ) ) قَالَ لَهُمْ مُّوسَى أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ فَأَلْقَوْاْ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ ).
حُكي كلام موسى في ذلك الجمع بإعادة فعل ) قال ( مفصولاً بطريقة حكاية


الصفحة التالية
Icon